قبل أيام وجدتني مستغرقاً ، من
على البعد مع ( نفحات كتيابية ) ،
و هي حلقة مديح ( بالطار ) ، بثها
عبر الفيس إبننا ( عبده الخواض ) ..
و عندما رأيت ( أسامة مجذوب
محمد الطيب ) ،
يُباشِر ( المُدَّاح ) ، راسلته :
( المديح ده وين ؟ ) ..
أجابني بعد التحيات :
ده ( مساعد الهادي ) عامل كرامة ..
و َتَذَكَّرْتُ أَعْوامًا مَضَتْ ،
فِي خَيالِي ذِكْراهَا ،
يَوْمَ كُنَّا نَهْرَعُ مُسْرِعِينَ ، كُلَّمَا سَمِعْنَا
( نَقْرَ طَارٍ ) ، أَوْ ( قَرْعَ نُوبَةٍ ) ،
أَوْ ( دَقَّ طَبْلٍ ) ..
وَكَيفَ كُنَّا نَفْتَرِشُ الأَرْضَ ،
وَيَعْلَقُ بِنَا ( الغُبَارُ ) الَّذِي تُثِيرُهُ
أَقْدَامُ الولْهَى المُنْتَشِينَ ..
وَنَجِدُ فِي الخِتَامِ (لِلْفَتَّةِ) طَعْمًا
وَكَأَنَّهَا مَائِدَةٌ مُبَارَكَةٌ تَنَزَّلَتْ لِتَوها
مِنَ السَّمَاءِ ..
إِنَّهَا مَشَاهِدُ تُفْعِمُ وِجْدَانَكَ بِأَزْكَى
الذِّكْرَيَاتِ وَأَطْيَبِهَا ..

وَ (دِيَارُ الكُتْيَابِ) ظَلَّتْ تَضُوعُ
بِأَرِيجِ تَرَانِيمِ (الخَتْمِيَّةِ) المُبَارَكَةِ،
وَمِنْهَا ،
(المُبْتَهِجَةُ المُصْلِحَةُ لِلنُّفُوسِ
المُعْوَجَّةِ) :
( يَا رَبِّ بِهِمْ وَبِآلِهِمْ عَجِّلْ بِالنَّصْرِ
وَبِالفَرَجِ ) ..
وَ ( دِيَارُ الكُتْيَابِ ) ظَلَّتْ تَأْتِيهَا ،
وَتَنْبَعِثُ مِنْهَا أَنْفَاسُ ( الطَّرِيقَةِ
القَادِرِيَّةِ ) بِكَدْبَاسِ العَالِيَةِ ،
وَأَمَادِيحُهَا الزَّاكِيَةُ ،
وَكَيْفَ أَنَّ الجُمُوعَ كَانَتْ تَهْتَزُّ لَهُمْ
الأَرْضُ وَتَقْتَرِبُ السَّمَاءُ وَهُمْ
يَصْدَحُونَ :
( اللهُ الحَقُّ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ) ..
وَصَدِيقِي رَفِيقُ الصِّغَرِ وَالصِّبَا
وَالكِبَرِ ، الدُّكْتُورُ ( إِسْمَاعِيل خَضِرٌ ) ،
القُطب القادري ، هُوَ خَيْرُ هَادٍ
وَدَلِيلٍ لِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ النُّورَانِيَّةِ ..
وَ ( دِيَارُ الكُتْيَابِ ) كَانَتْ وَلَا تَزَالُ
تَرْهَفُ الفُؤَادَ وَالسَّمْعَ لِمَدَائِحِ
( حَاجِّ الماحِي ) ، فَلَا تَكَادُ تَخْلُو
أَمْسِيَاتُ (الخَمِيسِ) مِنْهَا ، حَيْثُ
يَتَبَارَى فِي تَقْدِيمِهَا ( مَادِحُونَ )
مِنَ ( الكُتْيَابِ ) وَوَافِدُونَ ..

هذه المقدمة ، و هذا التذكُّر
أردت أن أمهد بهما لإلتفاتة عَجْلى
لهذا الرجل المُحِب الذي أرى فيه ( إكسير المديح ) و وهجه ..
فمنذ صباي الباكر ،
كنت كلما أستمع إلى ( أولاد حاج الماحي ) ،
يرِق فؤادي ،
و تصفو روحي ،
و تزدحم مشاعري بفيوض النبوة ..

وَ (حَاجُّ الماحِي) ،
عَلَيْهِ أَلْفُ رَحْمَةٍ وَنُورٍ ،
لَمْ يَكُنْ مُجَرَّدَ نَاظِمٍ لِقَصِيدٍ ،
وَلَكِنَّهُ كَانَ عَاشِقًا ،
وَمُتَيَّمًا بِحُبِّ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ..
وَهُوَ إِحْسَاسٌ ظَلَّ يُلَازِمُهُ
فِي صَحْوِهِ وَمَنَامِهِ ،
وَفِي حِلِّهِ وَتِرْحَالِهِ ،
وَفِي قُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ ،
وَفِي رَخَائِهِ وَعُسْرِهِ ..

استمعوا إليه ،
عندما يعتاده الحنين إلى تلك
البقاع :
( الحجاز فيهو البَرِيدُو
الله يَدْني لي بعيدو
بادي بي الله القصيدو
بي الكريم ربي المجيدو
حُكمو جاري علي عَبِيدو
جل يفعل ما يريدو )
و ( سمح الوُصُوفو
يارب نشوفو
حَرَمو وسُرُوفو
نَعَقِب نطوفو ) ..
و ( شوقك شوى الضمير
أطراك مُناي أطير
أنا حابو من صغير
بريدك يا البشير ) ..

و تأمل معي كيف يعبر عن حاله
و قد خرج خفية قاصداً أكرم
الخلق ، صلى الله عليه و سلم:
( نِعم القام مُنسَرِق
زار محمد خير الخلق
القلُبْ ياحنان يَرِق للرسول
بالشوق و العِشِق ) ..

وانظر تلك المشاعر الحرَّي التي
تعتلج في صدره :
( الفَاقَ جَوْدُو الكِرَامْ جُدُودُو
أَرِحْ نَزُورْ طَهْ فِي بِلُودُو
عُبَيدَكْ المَاحِي جَابْ قُصُودُو
بِخَافْ فِعَالُو وَبِخَافْ فُسُودُو
بِخَافْ خُرُوجْ النَّفَسْ زُنُودُو
بِخَافْ مِنَ المَوْتْ بِخَافْ بَرُودُو
بِخَافْ مِنَ القَبْرْ أَبُو لُحُودُو
بِخَافْ رُقَادُو الطَّوِيلْ وَدُودُو
بَخَافْ سُؤَالُو وَبَخَافْ نُشُودُو
وَقَعْ وَرَاكْ يَا الرَّسُولْ تَحُودُو
أَرَحْ نَزُورْ طَهْ فِي بِلُودُو ) ..

و تستعر ضراعته و هو ببابه :
( بسم الله يا قدير يا عالي ياكبير
يا جابر الكسير دبرنا يا بصير
بي أحسن التدبير من فضلك الكثير
جود يا كريم بالخير
أنصرنا يا نصير
و يسر لنا العسير
ثنيت بالبشير محمد النذير
شفيع القمطرير يوم موقف
الهجير
و الشمس تستدير يجري العرق
خرير
تتفلت أم زفير جانا النبي الأمير
بي كفو حين يشير يخمد حمو السعير ) ..

و يصلي ويسلم عليه ألوفاً و بقدر ماخلق :
( صليت ألوف تكرير
سلاماً غير تعبير
بي عد التفاسير
و عدد الدواب و الطير
الصقور و الزرازير
الجراد و العصافير
الحنطة و الشعير
من عبدك المحيسير
الماحي المغيرير )
اللهم صل وسلم على سيدنا
محمد و على آله و صحبه
أجمعين ..
و ارحم عُبيدك ( حاج الماحي ) ،
و كل من مدح و أثنى على رسولك
الكريم ..