اسامة عبدالماجد
¤ لا يخالجني ادنى شك ان بلادنا احوج ماتكون في هذا التوقيت.. وبعد الخراب الذي احدثته مليشيا (دقلو اخوان) المارقة، احوج للمبادرة المشتركة لامير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسى.. المبادرة الصادقة التي ترتكز على أهمية العمل المكثف لاحتواء الأوضاع الإنسانية بالسودان، وتسهيل انسياب المساعدات الإغاثية وتجنيب المدنيين تداعيات القتال،
¤ وهو الامر الذي لم يوفق في تحقيقه منبر جدة التفاوضي.. وذلك لوضعه للمليشيا الاجرامية في مرتبة واحدة مع القوات المسلحة.. وعدم ايفاء الاولى بمغادرة المستشفيات ومنازل المواطنين التي لجأت للاحتماء بها.. من الضربات الموجعة لنسور الجو.. ولتركيز المنبر على امكانية اشراك اطراف مدنية مستقبلا ، (ناس الاطاري مقطوع الطاري).. مما كان له اثره في غدم تحقيقه النتائج المرجوة.
¤ حدث ذلك رغم الجهود الكبيرة والرعايه الكريمه للمنبر من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده.. ورغم المتابعة المباشرة لسفير السعودية الهمام بالخرطوم على بن حسن جعفر.. ان قطر الشقيقة على دراية تامه ومعرفة وثيقة بابعاد الصراع في السودان.. خاصة الذي تعود جذوره الى دارفور (معقل المليشيا الاجرامية).. من خلال رعاية الدوحة ونجاحها في سلام دارفور .. وايفائها بالتزامات مالية ضخمة لمؤتمر المانحين لاعادة اعمار دارفور.
¤ كما ان قطر اكتسبت خبرة كبيرة ونالت ثقة العالم برعايتها لمؤتمر الفرقاء في افغانستان.. لتؤكد بذلك انها سباقة في الانفتاح على مختلف الشعوب لاجل ارساء قيم السلام والاستقرار.. وانتهاج سياسة قائمة على التوازن واحترام حقوق الآخر ارسى دعائمها الامير الوالد الشيخ حمد بن خليفة.. وطورها وحمل لوائها وباقتدار امير قطر الشيخ تميم.
¤ تذكرون كيف تابع العالم وبانبهار .. عندما قامت دوحة (الجميع) لا (العرب) فقط، بمهمة شاقة بشان الاوضاع الانسانية واعمال الاغاثة في افغانستان بعد عودة طالبان الى السلطة.. حيث ادارت عمليات الاجلاء خاصة للغربيين باحترافية عالية.. لم تتوفر حتى لبعثات الامم المتحدة.. الامر الذي دفع كل زعماء العالم وقي مقدمتهم الولايات المتحدة للاستنجاد بالامير تميم وحكومة بلاده.
¤ اما مصر يكفي اهتمامها الكبير وفوق المعدل بالاوضاع في السودان.. وهي تفتح ذراعيها للسودانيين منذ عشرات السنين مرحبه بهم.. وبشكل اكبر بعد التغيير في 2019 وتوتر الاوضاع ببلادنا.. الى ان حدث تمرد الهالك قائد المليشيا منتصف ابريل الماضي.. فكانت مصر ملاذا آمنا لعشرات الآلاف من السودانيين الذين تضرروا من ويلات الحرب.. واتسعت كل محافظاتها لهم بمودة وحب.. (وافدين) لا (لاجئين).. الا لمن اراد من تلقاء نفسه ان يطرق ابواب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
¤ ان ماحدث في السودان من تمرد يمس امن مصر وهي خاصرة العالم الاسلامي.. وقلب الامة العربية النابض.. ولذلك اي غياب لها عن السودان وفي هذا التوقيت الحرج.. او تباطؤ فهو مضر بالسودان وبمصر نفسها..
¤ ان القاهرة تربطها الحدود المشتركة المباشرة مع بلادنا.. وتربطنا الحضارة والتاربخ المشترك.. وهي على معرفة وثيقة وعميقة بتقلبات الطقس السياسي والاجتماعي في السودان.. ولذلك مأمول ان تلعب دورا كبيرا من خلال الاهتمام الكبير من الرئيس السيسي.. والمتابعة اللصيقة من جانب كلا من وزير الخارجية سامح شكري ومدير المخابرات عباس كامل.
¤ ويحسب لمصر انها ظلت تحذر من تمدد المليشيات في المنطقة وتاثيراتها السالبة على الامن القومي العربي.. وكان الرئيس السيسي تناول هذا الامر في كلمته الضافية التي القاها في قمة جدة للامن والتنمية (يوليو 2022).. حيث قال يجب القضاء على الميليشيات المسلحة المنتشرة في عدة بقاع من عالمنا العربي، والتي تحظى برعاية بعض القوى الخارجية لخدمة أجندتها الهدامة، وترفع السلاح لتحقيق مكاسب سياسية ومادية، وتعيق تطبيق التسويات والمصالحات الوطنية.. وتحول دون إنفاذ إرادة الشعوب في بعض الأقطار، بل وتطورت قدراتها لتنفذ عمليات عابرة للحدود.)
¤ وشدد السيسي على أنه لا مكان لمفهوم الميليشيات والمرتزقة وعصابات السلاح في المنطقة، وأن على داعميها ممن وفروا لهم المأوى والمال والسلاح والتدريب ، أن يراجعوا حساباتهم وتقديراتهم الخاطئة).. انتهى تحذير الرئيس المصري.
¤ ومهما يكن من امر ان اتفاق (تميم والسيسي)، على إطلاق مبادرة مشتركة لدعم وإغاثة الشعب السوداني.. يمثل دافعا قويا لتكون بلديهما جنبا الى جنب مع السعودية والولايات المتحدة.. لتشكيل رباعية منسجمة ومتوازنة لمتابعة الشان السوداني.