✍️ طارق زيادة صالح سوار الدهب •
لقد نجح الحراك الثوري، بمد خيوط جديدة نابذة لغرور التعنصر، والذي للاسف نشهد بالاونة الاخيرة، تصاعدا لازكاء نعراته بالافعال والسياسات المشبوهة، من قبل كل الاطراف لقد ساوت ايام ديسمبر المجيدة بين دماء المركز والهامش،ووحدت مصير واحلام ثلة طليعية من النخب الشابة المهنية، لطبقتها الوسطي المتمدنة مع سواد غالب البروليتاريا المتريفة الكادحة ملح ارض عمالة الحضر و موظفيه واقنان ارض مزارعة القري، ورواعيه وذلك بتحالف منافع فريد ضد دوائر عصب تنفذهما سواء كانوا بالعواصم او الاطراف المناظر لم تعد متصورة متخيلة بعيدة، بل بدايات لائتلاف معتصم جماهيري سياسي بقلب الوطن لمتعين واقع بكل خام مكوناته واهدافه الجامعة المتعالية عن رسوبيات متحجر جزيئاته المفرقة، ولكن ما تلبث بعد برهة وجيزة ان تعمل قوي قديم مستحكم بالداخل والخارج علي وأد بداياته وعرقلة نماءه …الحراك الديسمبري كان بالدرجة الاولي من اجل استكمال ماسسة الوعي الثوري بالحريات والسلام والعدالة والحق بالكرامة الانسانية، وهي ان بدت شرارتها المشعلة مطلبية (معاشية، خدمية) لكنها سرعان ما تكثف زخم طاقتها وتمخض دفع طلقها نحو مطالب ومهام سياسية، هي مشروع لثورة: الطبقة الوسطي بالمقام الاول متمثلة في يسار ووسط القطاع الاعلي لشباب مهنييها من (الاطباء والمهندسون وتقانيي الاتصالات والمعلومات واساتذة وطلاب الجامعات و التعليم العام…الخ) …وهي مشروع لوعي: بالحريات الليبرالية الشخصية والعامة، ليس انفعالا بفكرويتها (البرجوزاية) وانطلاقا من محدود محتوي رؤيتها ومحددات مؤشر مصالحها الطبقية فقط، فذلك موضع شك وتساؤل (امبيريقي: مجتمعيا) لجهة حقيقة تشكلها وطبيعة علاقاتها بالاساس، وبالتالي صلاحية مناهجها المفسرة، ووعيها الانساني بذاتها التاريخية ودور مفاعيلها بالمجتمع والسياسية، وهذا درب طويل شاق لدرج من ارتقاء محمود علي صعيد نظر اشمل لمايمكن ان يسهم به السماح لتشكلات مشروع الوعي الثوري الجديد من حق انتظام مطلوب وما يتيحه من رتبه بناء مفاهيم مرغوب، اذا افسح لها مجالا طبيعيا للنشوء ثم التطور، بمجتمعها لتغيره، المستبدل لتراكيبه وهيكله لاصطفاف تقدمي ولقوي حية ناهضة تدفع به تباعا نحو مستقبل علاقات المصلحة الموضوعية، لاسائد الولاءات التقليدية، اللذين يؤهلانها لارتياد مصاف السير نحو المدنية ويقعا من بعد ذلك تحت طاءلة موضوعات مناهج واداة تحليلها المصنع لتكتسب به وارد مصطلحاتها الطبقية الاجتماعية مشروعية لماسسة دولها ولصراع شائك علاقات انتاجها بمدلولاته الاقتصادية والاجتماعية دون ان تتخلي بعدمية مجانية عن واقع لاحداثوية ثابت ابنية مجتمعاتها التقليدية، ولكن باستمررابة متراكمة وارادة سياسية ورغبة متزايدة تامل باحداث الفارق بالعمل المدني،لمحاصرة تحديه بدءا بمرحلة الانتقال، وانتهاءا بتحوله الديمقراطي…هي ثورة وعي بالحريات الليبرالية، ايضا من وجه اخر بالنسبة لهؤلاء المحرومين من التمتع باي من منافعها سواء:بالتعبير الثقافي والاعلامي اوالحق بابداء الراي الاخر والانتظام النقابي والسياسي المعارض اوالمغاير وفقا لذلك، او حتي اظهار قليل مختلف السلوك الشخصي والجمعي، والمظاهرة بايهما بما لا يوافق علنا نظمها العامة (المسيسة) هذا الحرمان المعطل للطاقة والدافع كان مدعاة عندهم لياس و قنوط، وسببا منطقيا ووجيها، يقايسون به كل حالهم ويضاهونها باوضاع اشباههم من بعض تجارب من حولهم بالاسافير بالاقليم والعالم ويطرحون علي ذواتهم العاقلة وما وصل اليه مجتمعها المغيب ودولته القامعة؟…التساؤل الوجودي، لماذا نحن لسنا كهؤلاء؟ من سائر افراد الامم والبشرية المتقدمة جمعاء؟ بنحو وبسمت قيم، وكانها لاتسري فينا و لاتنطلي علينا احكام سننها الماضيات؟…ومن تجلي قواعدها الهاديات، ولانها ثورة وعي منفعل بمبدئيات الحريات، متقدمة درجا ملتحمة بمعاشيات الخبزيات، فلقد اتكئت واستندت علي مفاهيم المبدئية الاولي، فكانت الموجة الثورية الديسمبرية بطور نسختها الحالية وبما تواضع به سقف تطورها وما سمح به ظرف تشكلها وتوازن قواه…من ان تكون (عقلانية) من زاوية نظر صائبة ومحدودة باتخاذها منحي سلميا متدرجا، ولكنها ايضا (عقلانية) مجتزأة، فهي (معقلنة) الادوات و الوسائل بصحيح اعتمادها علي مناحي العمل المدني ولكنها منتقصة بغياب مشروع مفتقد لاستكمال (اعقال) الوعي بمضامينها واهدافها وهي حتي الان كذلك، ولكن هل حال الانتقال سيظل علي قواعد مرحلة (سكونيته الثابتة) والتي يمكن ان يكون استمرار(ثباتها الساكن) والحفاظ عليه من مصلحة قوي الماضي، بما يعرقل من تغيير ويبطيء من اصلاح قوي المستقبل ويفتعل من معارك سياسية و يستنزف من موارد اقتصادية، ومن قبلهما المجترح لخطابه واسلوبه المعاكس وخطته المضادة، فكل الخشية مع تفاقم الاوضاع الاقتصادية المعاشية، وترديها غير المحتمل وتخطيها حاجز احتمال حدود الشارع الدنيا والاصطبار الشعبي العليا، خصوصا في ظل تربص معادي وافتقار للارادة السياسية و سوء محلي للادارة الداخلية، وخذلان خارجي من محيطها الدولي.
ان ازدياد حده هذة العوامل السالبة مجتمعة وتفشي اثارها الاجتماعية المدمرة وشيوعها الكاسح…هي التي ستعجل من الصدمة بوقع الصاعقة وبطعم الدهشة المر، بدون مقدمات بهذة الجولة من مجي مستقبل بما لا يتصور: انها الثورة الراديكالية، ثورة الجياع العراة بالغضب النبيل، وهم يتدثرون رداء السماء ويلتحفون وساد الارض باحزمة من البؤس المترهل حول خواصر المدن، وهي الفوضي العارمة المحطمة لكل او بعض من هيكل البالي القديم، ولكنها بنفس الوقت العاجزة عن التشييد الخلاق لجزء منه ولو من يسير المامول القادم، وهي هذة المرة لن تبقي احدا ولن تذر ولن تستثني ايا من مكونات المشهد الوطني الحالي بشقيه:المدني والعسكري، بل ولقواه واطروحاتها السوسيوسياسية، والتي لن تجد لها عاصما من ان يلحق بها مصير حصاد نظامها المباد، وخراب تجارب تحزبه الا خروجا من ركامها، بمشروع ومنظومة لما بعد الثورة، يحصناها من فشل يبقيها دوما اسيرة بمحطة التازم الاقتصادي والسياسي ويمنعها انحدارا يسقطها بهاوية لاتستطيع معها عبورا لانتقال ديمقراطي، فلا يبارح او يكاد الراهن الوطني الا ان يصدق علي كله السياسي قولا واحدا فيه فصل الخصام والجدال، لزمن ربما:
(They Will Knock Them All Out) وقد ينتصب من ببن خضم المعاناة الاقتصادية المعاشة بين الناس، تساؤلا عن جذر الازمة؟ واصلها المستفحل، وهل من سبل لخروج من نفقها المظلم الذي اوردتنا موارده سياسيات العهد المباد؟ فمن بعض اوجه الازمة الكالحة: ان الانقاذ كانت تدير شانها الاقتصادي ليس بالضرورة من خلال النظر الشمولي الراشد وحزم المعالجات المتكاملة لقضاياه الكلية بل علي خلاف ذلك بوسيلة المخاطبة الترقيعية التجزيئية لمظاهرة الفرعية، التي تتعامل مع حادثاتها، فصلا بفصل ويوما بيوم، دون انتباة او التفاف لما قد تهدم لتبني او تحطم فقط لتتجاوز ضيق اقتصاد وضغوط سياسة هي بالمقام الاول من صنعها الذي لايسعفها خيالها القاصر ورؤيتها لمصالحها المحدودة من حل لها الا بشراء اول للوقت وترحيل الازمات و تفويت الاقتناص التاريخي لفرص المبادرات او بشراء اخر لرشي الولاءات السياسية و الاقتصادية:المسوفة لزمن خروج البلاد والمواطن من دوامة تردي الاوضاع والاستلاب الاقتصادي والتشيوء الاجتماعي، والمطيلة لزمن بقاء النظام بفعل الارتهان السياسي الناتج عن تطاول الزمانين وعائد الشرائين وعن ناتج ثان بفعليهما لايقل اثرا، من ادراك منه مختل،يحاول تصوير ازمات هذا النظام الايدلوجية والاقتصادية السياسية (الخاصة) والعميقة، بل وحتي التنظيمية الحركية وكانها ازمات وطن برمته يستدفع رخيص مكاسبها الحزبية الضيقة،بثمن غالي من رصيد قدرات ومقدرات الوطن،ويحمل عبء تكلفة باهظة لبقاء النظام ودفاعا عن مزاعم (متاسلمة) يسعي لتحققها الواقعي بمتوهمات امانها: الاستراتيجي الاقتصادي والسياسي،الذي يتسمي نظريا بالوطني، ويسوق علي انه كذلك ويروج علي نطاق (بروبوغاندا) فكروية اعلامية واسعة بتطابق لازم لمعركتي الوطن والحزب،وبمتعدي ارتباطهما الازلي الاوثق بقضايا العقيدة التي لايجوز الخروج علي محارمها و التعدي علي حدودها…. سيحافط علي كل ذلك من خلال استنساخ دوري شبه يومي،تدار به عجلة اقتصاد بحبائل حيلة من قواعد محكمة ل:( اللصوصية الكبري) احداها لصوصية وطنية، ثانوية تابعة تتم داخل الوطن تتوزع وتدير منتهاباتها من موارد الوطن وتتقاسمها داخل دوائر محاسيبها ونفوذها: المناطقي، الاثني، السياسي، وتاليها لصوصية عبر وطنية، رئيس اصلية،تتسيد مناشط الاولي، تتوزع وتدير مستنزفاتها من موارد الوطن لصالح خارجه، تستثمر فائض اموالها به ولفائدة دورة راسماله الاقليمي و الدولي،ستدار ماكينة الاقتصاد ايضا بروافع متداخلة، متشابكة:لاقتصادين صوري رسمي وحقيقي موازي بينهما علاقات تقاطع وتقابل ولعل في محاولة استكشاف حدود طبيعتها وخباياها اجابة عن سؤال كيف كان ومازال تدار وتوزع الادوار داخل كليهما؟ وكيف اتاح لها ذلك خصوصا، بعد اسرع عملية دخول وخروج من عصر النفط، دون احساس من مواطنيه او منافع تعود عليه في معاشه وخدماته بصورة مباشرة او مشروعاته الوطنية العظمي والتنموية المستدامة الجامعة بصورة غير مباشرة، فهو ان كان يدار قبلها بقوة الايدلوجيا المسيطرة واسلحتها التمكينية القامعة، بتوازنات رعبها وصرامتها التنظمية المتحكمة في كل مفاصلة لمصلحة اقتصاديات دولة الحزب الاوحد، فانه بعدها وعلي اثر انسداد وتوقف سيل انبوب المضخ النفطي الذي اصابت منه مرتعا سهلا منبسطا دون تعب او نصب وخريفا متطاولا مسروقا دون خشية من ضمير او حقوق جيل، لتفرط بخيانة، ولامبالاة في ثروة ووحدة وطن حتي تبقي وحدها بالساحة باي ثمن، عقب افتضاح زيف سوق افكارها الاقتصادي، طهارة اخلاقها الثورية المدعاة، بشعارات عهدها الاول… الواضح ان احدي اليات ادارة الاقتصادين المصطنعة، هي في القدرة علي انكشافهما وتضاغطهما المرن المتواصل علي مقدرات مجال (الاجرام) الاقتصادي المشترك بتبادلية نشاطيهما، الصوري المحدود والموازي الواسع…>>>يتبع
( انتهي السادس من أبريل 2021 )
• كاتب صحفي وباحث في مجال دراسات السلام والتنمية
•عضو مؤسس لحركة تضامن من اجل الديمقراطية والعدالة الإجتماعية .