ببساطة / د.عادل عبدالعزيز الفكي

فقدنا صلاح النصري الرجل المؤسسة

د/عادل عبدالعزيز الفكي



رحل عن دنيانا بالولايات المتحدة يوم أمس الجمعة 25 نوفمبر 2022 الأخ والزميل والصديق البروفسور صلاح النصري أستاذ الإدارة والسياسات العامة بالجامعات الأمريكية.
هو ابن أم درمان البار رغم اغترابه عنها لعشرات السنين، عاشت في وجدانه بأحيائها القديمة، بأسواقها، بناسها، بشعرائها والفنانين. حيث كان مرجعا معتمدا في كل هذا وأكثر.
غير أنه كان مؤسسة قائمة لوحدها فيما يلي أعمال البر والإحسان والخدمات الاجتماعية. لا نعلم كثيراً عن الأسر التي كان يساعدها فقد كان يخفي هذا عن أقرب الأقربين اليه، لكننا نعلم الكثير عن الذي قدمه لمدرسة محمد حسين الثانوية بحكم عملنا سوياً في المكتب التنفيذي لرابطة خريجيها.
مدرسة محمد حسين الثانوية كانت في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي واحدة من ثلاثة مدارس ثانوية كبرى بأم درمان، مع شقيقتيها المؤتمر الثانوية والأهلية الثانوية. ومن خلال موقعها المتميز بحي المظاهر بأم درمان، خدمت أبناء أحياء حي العرب والركابية والمسالمة والثورات وودنوباوي وأبروف وبيت المال والملازمين، وفي مرحلة لاحقة بعض مربعات أم بدة.
كانت محمد حسين الثانوية مدرسة مكتملة الأركان، بأساتذتها الأفذاذ أمثال النور عثمان أبكر، وإبراهيم اسحق، ومحي الدين فارس، ومحمد سعد دياب، والمعز مصطفى الدسوقي، والهادي آدم، وعمر حسن هاشم، والطيب عز العرب. بمبانيها الفخمة من طوابق ثلاث، وفصولها المهيئة، ومعاملها المتخصصة، وملاعبها الرياضية التي خرجت سيكا وعطا أبو القاسم وغيرهم، وبمسرحها الذي صال وجال فيه المنصوري وعز الدين عبد الماجد وغيرهم. ولكن جار الزمان عليها فأصابها خراب كبير.
نهض صلاح النصري يشجع ويتصل ويدفع من حر ماله، فكانت الاستجابة له من معتمد ام درمان، ومن رجال أعمال، وأصحاب شركات، ومديري بنوك، ومن أشخاص عاديين من عامة الناس، لما لمسوا في الدعوة من صدق وهدف نبيل. كان صلاح النصري يغلف دعوته بالنبل والسماحة، ويزينها بالفضائل، ويرفع مقامها بالدعوات. كانت علاقاته الممتدة داخل السودان وخارجه خير معين، حيث عمل فيها عمل المؤسسة بالإخطار وتحديد المطلوب والمتابعة. فكانت النتيجة استعادة مدرسة محمد حسين لألقها القديم بفضل الله وفضل الرجل المؤسسة صلاح النصري ورفاقه.
كانت آخر مشروعات صلاح النصري إقامة مكتبة كبرى بمدرسة محمد حسين الثانوية، لفائدة الطلاب، وسكان الأحياء المجاورة للمدرسة، والباحثين من كل مكان. ليتنا ننهض لإقامة المكتبة ونسميها باسمه كما اقترح أحد الزملاء وثناه آخرون.
رحم الله البروفسور صلاح النصري، مثال الوفاء والإخلاص للعمل والفكرة، وأحسن اليه وأثابه بأكثر مما قدم. وليوفق الله رفاق دربه للسير على طريقه. والله الموفق.

اترك رد

error: Content is protected !!