يجئ عيد الفطر للعام ١٤٤٤ ه والسودان كله عبارة عن سرداق عزاء مئات القتلى وآلاف الجرحى فى حرب عبثية المنتصر فيها مهزوم الخاسر الأكبر فيها الوطن السودان والمعركة التى تدور رحاها بالعاصمة السودانية الخرطوم والمدن الأخرى لا تتعدى كونها صراع سياسى كامل الدسم بأدوات عسكرية وقد أوضح حاكم إقليم دار فور وعضو لجنة الوساطة بين رئيس مجلس السيادة وقائد الدعم السريع منى اركو مناوى بأن أس الأزمة بين الدعم السريع والقوات المسلحة هو الإتفاق الإطارى وبذلك تكون بعض القوى السياسية قد وجدت ضالتها فى قائد قوات الدعم وأوصلته الى مرحلة الدخول فى معركة بلا معترك ثم إختفوا كما الجرزان ولزموا الصمت فى إنتظار من سينتظر فى المعركة ثم يخرجون من مخابئهم ليواصلوا مسيرة العمالة المفضوحة وعلى كل حتى هذه اللحظة لم يتعرض احد السياسيين الى معاناة ولم يفقدوا روحا عزيزة مثل بقية المواطنين الذين فقدوا أرواحا عزيزة فجميعهم بخير وعلى خير لأنهم كانوا على علم بالمخطط كعلمهم بعملية فض إعتصام القيادة العامة قبل أربعة سنوات.
يجئ عيد الفطر هذا العام والسودان بأكمله يتوشح السواد حزنا على أرواح أزهقت ودماء أريقت فى قارعة الطريق ودموع حرى وغزيرة قد ذُرُفت وعشرات الآلاف من المواطنيين نزحوا من منازلهم من دون سابق إستعداد معنوى أو مادى آلاف المرضى عجزوا عن الوصول الى المشافى ومنهم من تمنى الموت إحتراما لحياة المعاناة التى يعيشها المواطن السودانى ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر مع العلم أن معاناة الشعب السودانى قد وصلت سقفها قبل إندلاع هذه الحرب اللعينة واليوم أصبح المواطن السودانى لا حول له ولا قوة ينتظر الرحمة من الله فى ظل ظروف لم يكن يتوقعها أكثر الناس تشاؤوما أن تحدث والقاتل والمقتول لا يعرف فيما يتقاتلون وعلى ماذا يتقاتلون وكل حزب بما لديهم يجدون الأسباب أسباب الحرب الملعونة.
على المستوى الشخصى أعتذر ل(بنياتى) الغوالى سلمى ومريم وحليمة وقبلهن راجل البيت إبنى حمزة أعتذر الى إسرتى الصغيرة بكل لغات الدنيا بعدم تمكنى لحضور صباح العيد معكم وأنا اقرأ حجم الوجع والألم من خلال مكالماتكم الهاتفية معى لكن لغة الحرب لا تعترف ولا تعرف العواطف فالظروف التى باعدت بينى وبينكم جد لظروف قاسية وقاصية وقاصمة أعذرونى أبنائى وأسرتى الصغيرة لعدم حضور العيد معكم وأعلموا أن أبيكم يتقطع ألما لكن اقدار الله فينا كانت أقوى أعلم أنكم لن تتذوقوا للعيد طعما مثلى تماما فقط ازرعوا بذور الأمل بأن تنقشع هذه الأزمة ويجتمع شملنا ومتى ما إلتقينا فهو يوم عيدنا المؤجل وعليكم أن تقرأوا ملامحى فى راجل البيت حمزة ولمثل هذه المواقف تظهر معادن الرجال وحمزة سيكون خليفتى فى هذا العيد.
ما كان لى أن أتأخر عن العيد معكم ولو حبوا لكن حاجة أمى لى أكبر من الحضور ويقينى أنكم بصحة وعافية وبعيدا عن مناطق النزاع المسلح ولكم أن تعلموا أن أمى تحتاجني ولا سيما فى مثل هذه الظروف الاستثنائية التى تعيشها البلاد فدافع البنوة يتغلب على دافع الأٌبُوة فأمى عندى كنز وعندى لؤلؤة تحتاج الى صدفة ومُحارة تحميها وأنا صدفتها ومحارتها التى توفر لها الحماية من بعد الله سبحانه وتعالى ومثل هذه الظرف سترجح كفة أمى على كفتكم ولو بيدى أكون بينكم لكن هيهات هيهات وأعلموا أن ما أكنه لكم من حب وحنان وحنين ومحنة لا يوصف ولا تحده حدود وأعلموا أن مكانكم الطبيعى عندى ما بين الرمش والرمش التانى.
نـــــــــــــص شـــــــوكــة
مهما باعدت بيننا المسافات فإن المسافة بينى وبينكم ستكون همسة المسافة بينى وبينكم صفر فى كل الظروف لأننى أستطيع أن أتخيل دفء أنفاسكم وأنتم تعانقوننى صباح العيد وتتحلقون حولى وكأنى بكم تتبادلون التهانى مبللة بدموع عزيزة وغزيرة أوصيكم بالصبر الجميل وأعرفوا أن أبيكم مازال على قيد الحياة على الأقل وهناك من فقدوا آبائهم الى الأبد فى هذه الحرب العبثية.
ربــــــــــع شـــــــوكـة
راجل البيت حمزة وبناتى الحلوات السمحات كونوا بألف خير وكونوا أنتم الخير لكل الأعوام القادمة ولكم خالص حبى وشوقى وإشتياقى.
.