يربط كل موطن بإنسانه رباطا خفيا يتجاوز المشاعر العادية ويفوق حد الوصف .. حيث لا يمكن أن يفسر إنماط يحس فقط ..
شيئ أقرب إلي علاقة الروح بالجسد بل يتجاوز المشاعر والأحاسيس العادية إلي تلك العلاقة الشفيفة التي تجعل الشخص في حالة جذب لا متناهي إلي ذلك المكان الذي سبق وإن ولد فيه وعاش بين أهله .. ويظل مشدودا إلي ذلك المكان حتي وإن بارحه وغادره بمشيئة الدهر وتصاريف القدر يستنشقه عبيرا و عبقاوذكريات تتخلل أعماق الذات ومشاعر تجيش في النفوس وتجوس بين الخلايا تهيج متي ما وجدت طريقها للتعبير (كفاحا) بين الناس لترسم أروع معاني الود والتلاقي عيانا وبيانا .. ليس في الوجدان فحسب ..
كان ذلك الإطار البديع للوحة سريالية إرتسمت بخيوط التلاقي وتلونت بوهج الذكريات وإيقاعات الحياة و(دراما) المواقف ودفق المشاعر كأنها من وحي العبقريات العتيقة في جوف الزمان ..!!
والتداعي كان لأهل القضارف بالعاصمة الخرطوم .. أفواجا من الناس تفرقت بهم سبل العيش وإختلفت بهم الأعمار شيبا وشبابا وتباعدت بهم مقامات السكني والمزار .. جمعتهم القضارف موطنا وموئلا وأهلا وعشيرة وجاؤوا بسحناتهم المختلفة بلا إنتماءات ولا عصبيات ..
جميعا علي قلب رجل واحد و الدعوة للقاء مبادرة لنفر كريم إستطاعوا تحويل لقاء الاسافير إلي فعل عظيم وواقع يمشي بين الناس ودا وحبا وتبادلا للمنافع والمناقب والإكرام ..
لن أذكر الأشخاص والأسماء والألقاب والمقامات السامية الرفيعة المحفوظة مخافة النسيان وتهيبا للحرج .. وحسبي أنهم جميعا سمر الملامح سيماهم من أديم الأرض و(البادوب) صهرته شمس الهجير .. تسربلو بلباس أخضر نسجوه من غلالة (السمسم والفيتريت) وتعطروا بدعاشات الخريف الذي يلملم أطرافه مؤذنا بالرحيل ..
مضابط اللقاء تجاوزت بالأنس الحميم والطرح القويم خيبات السياسة وجدلها المقيت ..
فغابت !!
وحضرت هموم الناس وقضايا المجتمع ونفذت لجنة الإشراف والإدارة للمجموعة مباشرة إلي رؤية قوية بستطها بيسر ووضوح في كيفية تحقيق الترابط الإجتماعي المنشود وتبادل المنافع بين الناس وخدمة مجتمع القضارف وإنسانها هنا وهناك وتداخل الحضور معضدين الرؤية بأفكار نيرة لها ما بعدها وستؤتي أكلها حتما طالما طرحت بهذه القوة والتجرد وطيب النفوس والخواطر ..
الفريق شرطة جعفر محمد يوسف .. ربان المبادرة رحب بالجميع مشرعا أبواب الأمل والتفاؤل لغد مشرق عنوانه القضارف يحمل البشرى لأهلها و عماده التعاضد والتكاتف والفضل بين الناس ..
فنان القضارف المبدع دوما نصرالدين الشريف وعلي طريقته الخاصة غنى ترحابا بالحضور وزين الملتقى بالنجوي معبرا عن لوعة الإشتياق التي جمعت الاحباب فصدح برائعة أبو داؤود ..
يامن تسر رؤياك
تفرح وتنسي النوح
كل ماالنسيم يغشاك
زي الحديقة تفوح
وتكسي النهار بجمال
ووضوح
أنا أهدي ليك الحب
يا أنة المجروح
ياروح حياة الروح
والحب لهيب في الجوف زي الزناد مقدوح ..
وما إن عزفت فرقته الموسيقية لحن الفلاتية الفخيم ..
ياسمسم القضارف
والزول صغير ماعارف
قليب الريد .. الريد
كل ماهويتك شارف
حتي هاجت معه مشاعر الحضور وسالت جداولا من الحب والحنين وكانت بحق توقيعا علي دفتر الحضور ووسما علي صدر اللقاء ولحنا طروب…
ومع العناق وتبادل التحايا والسلام غنى الشريف ودشيوخ البطانة .. الصافي دهب الخزانة
فسافر بنا بعيدا في بطانة وغابة دون حداد
وسهول ووديان وجبال أوتاد
وأصل موروث من الأجداد ..
فتهادت إلي المسامع ملحمة
الشريف زين العابدين الهندي وهو يخاطب السودان من شرفة القضارف ..
منو الزيك ..
فيك رهد المفازة الوعدوماخليف
وفيك الأتبراوي اللي الشواطئ أليف
وفيك الدندر البهجم هجمة السيف
وفيك الباسلام في الفشقةعامل قيف
وفيك ستيت منبت من قناهو صريف
وفيك خريف بوري الرعدةوالصاعقة الدوداي كيف
وعندك الف خور في الوادي والفين رافد
وحسبان الجروف والجزائرماوارد
والنبرو الحبيب لي عودوسيدويقالد
والساقيةالحنين توريقهاباكي وشاهد
والبلدات ونجاضات حليلة فايد
وسمسم وأم صقوروسهل قبوب ود زايد
وصقيعةأم بليل براقهاقايم وقاعد
والمطرالبكب أربع شهور ويدارد
وفيك قدمبيلة وكمبوستةالوارد
وأم سينات تغازل دوكةماشةتحادد
والكفاي يقول للفشقةبهمك شارد
كونوالفاوبقت ترع وجناين وموارد ..
وأبي رفيقه الرائع أبوعلامة إلا أن يستدعي من ذاكرة القضارف كلمات إبنها الشاعر محمدعثمان كجراي .. وهو يغازل المدينة التؤام للقضارف (كسلا) فغني (مين علمك يافراش تعشق عيون القاش) وكانت مدخلا لتذكير الجميع أن القضارف أهدت السودان إلي جانب كجراي .. الجابري والكابلي و الدبلوماسي الشاعر صاحب كلمات الإستقلال (اليوم نرفع راية إستقلالنا ويسطر التاريخ مولد شعبنا) عبدالواحد عبدالله والمسكون بحب القضارف وذرات ترابها المعطاء خليل عجب الدور ومثلهم كثر في الثقافة والشعر والفن والابداع .. والتربية والتعليم والطب والزراعة والاقتصاد والسياسة والجندية ..
ولماكانت القضارف بنسيجها المتفرد ( سودان مصغر) تنصهر فيه كل قبائل السودان في تنوع لاتضاهيه منطقة أخري سواها .. كانت الاشارة الذكية التي زينت اللقاء لعباس السناري وهو يغرد ..
بلد الخير أفريقيا مكاني
زمن النور والعزة زماني
فيها جدودي
جباهم عالية
مواكب ما بتتراجع تاني
أقيف قداما
وأقول للدنيا
أنا سوداني ..
هنيئا للقضارف بأهلها وهذا الترابط والحضور الأنيق .. وإلي الأمام دوما نخطو جميعا للنهوض بالأرض والإنسان عمارة وفضائل وقطعا طالما خلصت النوايا فالنجاح هو وعد الغد المشرق بلا ريب ولا شك ..
لاتدعو مجالا يفسد المبادرة أو يجعلها تموت
أفتحو الأبواب
مزيدا من التواصل والتفاكر .. لاتنسوا أحدا ولا تبخسوا معروف..
وسلام ياقضارف
ألف سلام
قضارف السعد
يابلد الخير
تصبحي تمسي
خير في خير
وتبقي دوام
عنوان للخير
وكل مابعدنا نجيك
راجعين
يجيبنا الشوق
وريحة الطين
من أجلك نعمل متكاتفين
حبك ساكن في الأعماق
خريفك مطروغزير دفاق
يعانق أرضك أحلي عناق
فيك الزرع الأخضر زاد
بقت أيامنا حصاد في حصاد
للسودان لقمة وزاد
سلام ياقضارف
ألف سلام
وسلام يا أحبابنا
ألف سلااااام
لو وصلتنا الدعوة لهذا اللقاء الاجتماعي لكنا حضورا رغم ضغط العمل، وإيقاع الحياة المتسارع.