(1)
نفضت أغلب القوى السياسية والوطنية والتيارات الإسلامية يدها عن مسودة الدستور الإنتقالي الذي تتبناه قوي الحرية والتغيير وادرجت فيه كل ما أستعصي عليها خلال أيام حكمها وزادت كيل بعير في العسف والخطل، بل والتهريج…
وكان آخر البيانات من جماعة أنصار السنة المحمدية، وبينت فيه المخالفات الشرعية والقانونية لهذا المشروع المزعوم، وسبق ذلك إنزعاج وإستياء عريض من حزب المؤتمر الشعبي وقد رفضت اللجنة المفوضة من الشورى هذا المشروع وتداعي البعض لجمع توقيعات رافضة لما جاء في تلك المسودة، وعدل الحزب الإتحادي الديمقراطي عن موقفه حيث أشار ان الذين وقعوا لم يفوضوا.. وهكذا غالب القوى الوطنية والإسلامية، َغاب عن لغة الإفصاح حزب الأمة القومي، فهل يعتبر الحزب موافق تلقائياً بحكم عضويته في قوي الحرية والتغيير ودون ان تثبت اي تحفظات منه؟..
هل وافق حزب الأمة القومي على غياب (دين الدولة ولغتها) من الدستور؟..
هل وافق حزب الأمة القومي على أن (الدولة مدنية على مسافة واحدة من كافة الأديان)..؟
وما هو رأي كيان الأنصار؟ لماذا صمت د. محمود ابو ولم يفصح في قضية جوهرية؟..
(2)
لقد شكل حزب الأمة القومي أداة رافعة لقوى سياسية ذات أجندة معلومة وآراء جهيرة حول الدين واللغة العربية والقوات المسلحة و القيم الإجتماعية، وهو اليوم بهذا الصمت إنما يضيف لمواقفه بعداً آخراً لم يكن في الخاطر والبال، خاصة وإن الحزب سارع للإحتفال بذكرى كرري (٢ سبتمبر ١٨٩٨م)، وهي معركة تحرر وطني ضد الإستعمار العسكري والثقافي، بينما بنود هذا المشروع تحمل ذات سمات ذلك الإستعمار وأهدافه وغاياته، فهل بعد ١٢٤ عاماً أنطفأ العشم…؟
إن الإنصار تيار وطني فاعل وعريض وهم جزء من ممسكات هذا الوطن وتاريخه، فلا يمكن أن تكون مواقفهم في الجانب الخاطيء من تطلعات شعبهم وثقافاته، لا يمكن الإستحابة لكل رغبات الآخر الذي سقط أمام آلته العسكرية مئات الآلاف دفاعاً عن عقيدة الأمة وعن إستقلالها..
يا عقلاء حزب الأمة القومي وقيادات الأنصار، هذا طريق مفارق لما قامت عليه المهدية..
إنها دعوة لكل القوى الحية لتعرية هذه الوثيقة الغشيمة ومن وراءها.. فهى لا تسوي قيمة نثريات الترجمة.. والسلام