ببساطة / د.عادل عبدالعزيز الفكي

تفويض الجيش سياسياً واقتصادياً

د/ عادل عبد العزيز الفكي

adilalfaki@hotmail.com

الأحزاب والكتل السياسية السودانية تتجه لتفويض الجيشلإدارة الفترة الانتقالية. 

التفويض لإدارة الشأن السياسي وحده لا يكفي، مطلوب تفويضه اقتصادياً كذلك.

الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه يمثلون قوة الدولة الصلبة، ويملكون القدرات والكفاءات لإدارة الشأنين السياسي والاقتصادي.

قانون القوات المسلحة حاسم للغاية في محاربة الفساد.

تتجه غالبية الأحزاب والكتل السياسية السودانية نحو تفويض القوات المسلحة السودانية لإدارة الفترة الانتقالية بعد حرب الكرامة لفترة تتراوح ما بين عامين إلى خمسة أعوام، تعقبها انتخابات عامة تتيح تولي السلطة لحزب الأغلبية.

تركز الأحزاب والكتل السياسية على الترتيبات السياسيةخلال وبعد الفترة الانتقالية، ولكنها قليلة الانتباه للشأن الاقتصادي وكيفية ادارته خلال الفترة الانتقالية.

إن إدارة المسألة الاقتصادية خلال الفترة الانتقالية مسألة في غاية الأهمية، ذلك لأن مليشيا الدعم السريع المتمردة ما كان لها أن تفكر في الاستيلاء على السلطة، ثم إدارة الحرب والاستمرار فيها لفترة عامين لولا أنها استندت لقوة اقتصادية هائلة. وعلى هذا فإن إدارة الحرب في الجبهة الاقتصادية لا تقل أهمية عن إدارة الحرب بالأدوات العسكرية.

الجيش السوداني مؤهل لإدارة الاقتصاد خلال الفترة الانتقالية لأنه يمتلك ثلاثة عناصر رئيسة، العنصر الأول: الكفاءات والقدرات البشرية، ضباط القوات المسلحة من رتبة المقدم فأعلى مؤهلون في الإدارة الاستراتيجية، فكل ضابط وصل لرتبة المقدم لا بد له من الالتحاق بالأكاديميةالعسكرية العليا في إحدى كليتيها الحرب العليا أو الدفاع الوطني. لقد تشرفت بتدريس مادة الاقتصاد الدولي في كلية الدفاع الوطني، وأشرفت على عدد من بحوث الماجستير في الإدارة الاستراتيجية الذي تمنحه هذه الكلية. وأشهد أن مستوى المواد العلمية التي تقدم للدارسين، ومستوى البحوث التي يتم نقاشها هي على أعلى مستوى من الجودة العلمية.

من ناحية ثانية هناك ضباط متخصصون في المحاسبة القانونية وهؤلاء يتم استيعابهم ابتداءً وفق تخصصهم العلمي، ويُدعم مسارهم بالتدريب العسكري والدورات المتخصصة.

من ناحية ثالثة استطاعت القوات المسلحة عبر منظومة الصناعات الدفاعية من استيعاب مهندسين وتقنيين متخصصين في شركاتها المختلفة، وأجزلت لهم العطاء فبقوا بالسودان كعقول سودانية كفؤة ومؤهلة، وليس سراً أن إدارة الحرب الالكترونية التي تتم حالياً يقوم عليها هؤلاء الشباب الأذكياء الأنقياء.

العنصر الثاني الذي يؤهل الجيش لإدارة الاقتصاد خلال الفترة الانتقالية هو امتلاكه للتقانات المتقدمة في مختلف المجالات الهندسية وفي مجال التصنيع، بما في ذلك تقاناتالفضاء والنانو تكنلوجي والذكاء الاصطناعي. ولديه العنصر البشري القادر على البحث والتطوير R&D وبسبب امتلاكه كذلك لاتفاقات نقل تقانة وتصنيع مشترك مع عدد من شركات الجيوش الأجنبية المتقدمة.

العنصر الثالث الذي يؤهل الجيش لإدارة الشأن الاقتصادي هو امتلاك شركاته لاتفاقيات تبادل تجاري ذات قيمة عالية مع شركات تتبع لجيوش دول أخرى. إن بعض الدول تضع أمر التجارة، في سلع معينة، لدى جيوشها،لأسباب خاصة بها. مثلاً تجارة اللحوم في بلد مجاور مسندة للجيش بالكامل، لهذا فإن جيشنا هو الأقدر على إدارة هذه التجارة مع الدولة المعنية.

العنصر الرابع الذي يؤهل الجيش لإدارة الشأن الاقتصادي هو توفر الجيش على منظومة متكاملة للمحاسبة والشفافية ومنع الفساد، تدار هذه المنظومة تحت قانون القوات المسلحة ويراقبها القضاء العسكري. ويسجل التاريخ أنه في فترة التسعينيات تم إعدام أحد الضباط لاختلاسه مرتبات الجند في حامية جبيت العسكرية. يحاول البعض الاستناد لتصرفات فردية من بعض الضباط مثل استغلال عربات الجيش في ترحيل الأخشاب للحكم بفساد ضباط الجيش وهذا مخالف للواقع تماماً. بعض الجهات الاستخبارية المعادية قادت حملات ضارية ضد شركات الجيش بدعوى الفساد، ويذكر في هذا الصدد تولي المدعو بكري الجاك، الناطق الرسمي باسم كتلة (تقدم) كِبَر هذه الحملة المسعورة، حيث وقف خلف اصدار تقرير (حاميها- حراميها) وهو تقرير مليء بالأكاذيب أصدره مركز الدراسات الدفاعية المتقدمة C4ADS وهو مركز دراسات مقره بالولايات المتحدة في يونيو 2022 .

إن الشفافية والمتابعة الدقيقة مطلوبة في المرحلة الانتقالية لضمان استعادة عائدات الصادرات السودانية، ولمراقبة المتاجرة في بعض السلع الهامة مثل الذهب.

لهذه الأسباب مجتمعة نطلب من الشعب السوداني، ممثلاًفي تكويناته السياسية والاجتماعية والفئوية والمهنية، أن يعمد لتفويض الجيش السوداني تفويضاً شاملاً سياسياً واقتصادياً لإدارة المرحلة الانتقالية، لأنه هو وقوات الشرطة وقوات جهاز المخابرات العامة والقوات المتحالفة معهايمثلون قوة الدولة الصلبة التي نحتاجها بشدة بعد هذه الحرب المدمرة الهائلة. والله الموفق.

اترك رد

error: Content is protected !!