يعاد هذه الأيام على وسائط التواصل الاجتماعي نشر مقطع صوتي لمستثمر سعودي يدعى المهندس عبد العزيز المبحل، يشير فيه لأوضاع الاستثمار في الدول العربية ومن بينها السودان.
ويقول ان المناخ الطارد للاستثمار في السودان لم يؤثر على المستثمرين الأجانب وحدهم، حتى المستثمرين السودانيين هربوا باستثماراتهم وأموالهم إلى مصر وإثيوبيا وتشاد وغيرها من الدول.
ويشير الى أنه في فترات سابقة كان المستثمرون الأجانب والمحليون يستقطبون الموظفين الحكوميين فكأنهم يعملون لديهم، فيصدرون القرارات الحكومية الرسمية من مكاتبهم، ثم يتابعون تنفيذها على الأرض، فكان هذا يشكل حماية للاستثمار. ولكن عندما تغير النظام سقطت كل أنظمة الحماية، مع وجود كم هائل من اللصوصية والتكالب على المستثمر.
ويختتم المستثمر السعودي مقطعه بالدعاء للسودان أن يلطف الله به، وأن يأتي رجل بيد قوية تعيد الأمن والاستقرار والنظام للسودان.
تعليق: على قسوة العبارات التي استخدمها المستثمر السعودي فلا بد من الاعتراف أن فيها الكثير من الحقائق. إن الإقرار بوجود معيقات حقيقية للاستثمار في السودان هو أول عتبات معالجة الوضع.
إن نقاط الضعف والعقبات التي تواجه المستثمرين في بلادنا يوضحها تقرير سهولة ممارسة أنشطة الأعمال الذي يصدره البنك الدولي كل عام. وهو تقرير عالي المصداقية، ويعتمد عليه المستثمرون الأجانب في اتخاذ القرار بالاستثمار في بلد ما من عدمه.
يحوي التقرير عدد كبير من المؤشرات المعينة على تحديد المعيقات مثل: مؤشر الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي، مؤشر الضرائب وتحصيلها، مؤشر تسجيل العمل، مؤشر إجراءات منح الأرض وتسجيلها، مؤشر توصيل الكهرباء، مؤشر التجارة والتبادل التجاري مع دول العالم…. وهكذا.
في الإصلاح القانوني يعتقد أن هناك حاجة لإلغاء 200 قانون ساري المفعول الآن، فضلاً عن تعديل عشرات القوانين والسياسات والإجراءات، وإصدار توجيهات ملزمة بشأنها.
أن تسهيل أداء الأعمال وإجراءات المستثمرين هي مسئولية المجتمع السوداني بأكمله لا الحكومة فحسب. على سبيل المثال فإن تسليم المستثمر للأرض يستلزم مجهودات هائلة جداً لإقناع القبائل وأصحاب الحواكير وغيرهم بفائدة الاستثمار لهم ولأهليهم ولوطنهم، ويتم الاقناع بالاتصال المباشر بالزعماء والقادة المحليين عن طريق منظمات طوعية، كما يتم بالتثقيف والتوعية عبر وسائل الاعلام والاتصالات المختلفة، وعن طريق المناهج الدراسية الموجهة.
من ناحية ثانية فإن اصلاح الخدمة المدنية من حيث العنصر البشري يتطلب معالجات واسعة جداً تتضمن التخلص من كم هائل جداً من العمالة غير المنتجة، مع تحسين شروط الخدمة والعائد المادي للمتبقي من العمالة، بصورة تكافئ أو تقترب من المعايير الدولية في المكافئات وشروط الخدمة. بغير هذا فإن جهود الإصلاح سوف يهزمها العنصر البشري.
وفوق هذا وذاك مطلوب حكومة قوية وقيادة حاسمة تضع البلاد في المسار الصحيح، وتستفيد من الفرصة المواتية الآن لاجتذاب استثمارات هائلة جداً للسودان في ظل أزمة الغذاء العالمية التي تعتبر أرض السودان إحدى جبهات مواجهتها. والله الموفق.