سال الكثير من المداد، واستهلكت الملايين من البايتات، في حملات شتائم وردحي متبادلة، ما بين بعض مشجعي ناديي الهلال السوداني والأهلي المصري. هذا غير مفيد، الأصوب النظر للمصالح المشتركة ما بين الشعبين السوداني والمصري، لأن هذا هو ما يفيد فئة الشباب بالذات، التي تتطلع في القطرين لمستوى معيشي أفضل ولفرص عمل منتجة.
في مجال التجارة: بلغت صادرات السودان لمصر في العام 2022 قيمة 635 مليون دولار، وكانت أبرز الصادرات لمصر الحيوانات الحية واللحوم، والقطن، والسمسم، وحب البطيخ والفول السوداني والكبكبي.
بينما بلغت واردات السودان من مصر 761 مليون دولار، وكانت أبرز الواردات من مصر الأسمدة (أهمها اليوريا والداب) والكيماويات الزراعية، المواد الغذائية، القمح والدقيق، المصنوعات، المواد الخام وأبرزها حبيبات البلاستيك لمصانع البلاستيك السودانية، والمنسوجات.
هذا حجم تجارة بينية كبير يبلغ حوالي 1.4 مليار دولار، وهو مرشح للزيادة بسرعة. يعمل في التجارة البنية بين السودان ومصر آلاف السودانيين، ويستفيد منها آلاف آخرين من المنتجين أصحاب الزراعة والمحاصيل والثروة الحيوانية.
قد يقول قائل ان تجارة الصادر والوارد تحتاج لرؤوس أموال ضخمة، فضلاً عن تعقد إجراءاتها، وهذا لا يمكّن فئة الشباب من العمل فيها. هذا صحيح لحد كبير والحل هو في تجارة الشنطة عبر رخص التجارة الحدودية.
التجارة بحجم صغير تتم ما بين البلدين بصورة يومية عبر عشرات الاوتوبيسات والرحلات الجوية التي تتحرك بين القطرين، يستفيد الشباب السوداني من الجنسين بنقل منتجات سودانية مثل حب البطيخ والفسيخ والجبنة المضفرة وزيت السمسم بكميات صغيرة عبر الاوتوبيسات والطائرات الى مصر، ويعودون من هناك بالتلفزيونات والأجهزة الكهربائية والمكيفات والغسالات. تجارة مربحة جداً وشرعية للشباب الطموح.
في مجال الاستثمار والعمل: تتوفر للسودانيين في مصر فرص الاستثمار في الزراعة، حيث يتيح النظام المصرفي المصري منح قروض زراعية بشروط ممتازة. كما تتوفر فرص الاستثمار في القطاع العقاري (شراء الشقق وايجارها في الموسم السياحي).
أما بالنسبة للعمل فتتوفر للسودانيين فرص العمل في المدينة الذكية في وظائف المبرمجين والكول سنترز، وفي المصانع في المناطق الصناعية المختلفة مثل السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان وغيرها في وظائف اداريين وموظفين وعمال. كما تتوفر فرص العمل كمشرفي أمن وأفراد أمن، حسب المؤهلات والتدريب، في البنايات الحديثة بالمدن الجديدة، لأن السوداني تتوفر فيه صفات الأمانة مع الجَلد والصبر.
فرص الدراسة والعلاج: تتيح مصر للسودانيين العلاج المجاني في المستشفيات العامة والخيرية، والعلاج بفئات اقتصادية وتكلفة معقولة لدى العديد من المستشفيات الراقية، والأطباء الاستشاريين، بتوصية من المستشار الطبي بسفارة السودان بالقاهرة. كما تتوفر الدراسة الجامعية والدراسات العليا للسودانيين بمصر برسوم مخفضة تبلغ 10% فقط من الرسوم الرسمية.
هذه مزايا وفوائد غير متاحة للشعوب الأخرى التي تعج بها مختلف المحافظات المصرية. وهي مزايا تعبر عن الحب الحقيقي، وشعور التعاون والأخوة التي يكنها الشعب المصري للشعب السوداني. وبالتأكيد لن تؤثر في هذه العلائق الشوائب التي تطفو أحياناً بسبب حمية التنافس في المجال الرياضي بالذات.
مع الامنيات للشباب السوداني بالاستفادة من الفرص المتاحة لهم بمصر، الى حين استقرار الأوضاع في السودان. والله الموفق.