زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لجمهورية مصر العربية خلال الأيام الماضية أسفرت عن اتفاقات في غاية الأهمية بين البلدين الكبيرين. ومن أهمها التوافق حول التحديات التي تواجه المنطقة الآن في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، وبالطبع فإن أبرز هذه التحديات هي مهددات الأمن الغذائي العربي.
كذلك ورد في البيان المشترك الصادر عن الزيارة دعم البلدين إنجاح الفترة الانتقالية في السودان، وتشجيعهما للحوار بين الأطراف السودانية.
يُعتقد أن من مصلحة الشراكة الاستراتيجية ما بين مصر والسعودية أن ينضم السودان كجزء أساسي منها، وذلك لثلاثة أسباب أولها: الفقر المائي في مصر والسعودية، والثاني الزيادة السكانية في مصر والسعودية مقارنة مع موارد الغذاء المتاحة، والثالث الموارد الاقتصادية الكامنة في السودان.
بالنسبة للفقر المائي في مصر تشير تقارير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري إلى أن نصيب الفرد من المياه في مصر كان في عام 1986 حوالي 1138 متر مكعب سنوياً، وتضاءل الى 860 متر مكعب عام 2003، والى 759 متر مكعب عام 2007، متوقعاً أن ينخفض الى 582 متر مكعب سنويا عام 2025. بالطبع فإن الفقر المائي في السعودية لا يحتاج لإيضاح.
أما فيما يتعلق بالسبب الثاني الداعي للشراكة الاستراتيجية بين مصر والسعودية والسودان، والمتعلق بالزيادة السكانية في مصر مقارنة مع موارد الغذاء المتاحة، فقد أكدت وزارة الزراعة المصرية أن الأمن الغذائي المصري في خطر بسبب ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً، وبسبب نمو عدد السكان مع عدم الاستقرار النسبي للمعروض من المواد الغذائية، مما يسبب عجزاً في الطلب على المواد الغذائية.
بينما يعتبر النمو السكاني في السعودية والبالغ 2.8% سنوياً من أكبر النسب على مستوى العالم.
تستهلك مصر 20 مليون طن من القمح سنوياً، تنتج منها 8 مليون طن، وتحتاج لاستيراد 12 مليون طن قمح من الخارج، لتكون بذلك أكبر دولة مستوردة للقمح في العالم. بينما تحتاج السعودية لاستيراد حوالي 9.4 مليون طن سنوياً من الحبوب والدقيق، وقد أوقفت زراعة القمح في أراضيها نسبة لشح المياه.
يمكن للسودان تغطية احتياج مصر والسعودية من الحبوب الغذائية وفقاً لدراسات المنظمة العربية للتنمية الزراعية، وشركة لامير الألمانية المتخصصة في دراسات الجدوى، والتي أعدت دراسة شاملة عن إمكانات السودان الزراعية، بطلب من المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية.
السبب الثالث الداعي للشراكة الاستراتيجية لمصر والسعودية مع السودان هو توفر الأخير على موارد اقتصادية كامنة أهمها الموارد المعدنية، تحوي أرض السودان، وبحره الإقليمي، والمنطقة البحرية الاقتصادية المشتركة مع المملكة العربية السعودية، على البترول والغاز الطبيعي والذهب واليورانيوم والنحاس والحديد والسيلكون والمنغنيز والكروم والكوبالت والألمنيوم والمايكا والاسبستوس بكميات تجارية قابلة للاستخراج، في حال توفر الطاقة ووسائل النقل. الصناعات الأساسية في مصر، والتصنيع الحربي المتقدم في كل من مصر والسودان، وصناعة البتروكيماويات المتقدمة في السعودية، تحتاج لهذه المعادن الأساسية.
مما تقدم يتضح أن الشراكة الاستراتيجية بين السودان ومصر والسعودية سوف تُبنى على أساس المصلحة المشتركة، وعلى قاعدة WIN/WIN (رابح/رابح) ليس فيها خاسر بإذن الله. والله الموفق.