تشهَدُ بلادنا هذه الأيَّام هجرة الآلاف من أبنائها الطلاب للحاق بالعام الدراسى فى الجامعات المصرية التى إنتسبوا إليها على مستوى محافظات الجمهورية بعد أن ألقت حرب الخامس عشر من أبريل بظلالها القاتمة على العملية التعليمية ، وغابت الرؤية عن الجهات الرسمية بالدولة ( الغائبة أصلاً ) لمعالجة الآثار الكارثية للدمار الهائل الذى ألحقته ذئاب الصحراء بمؤسسات التعليم العالى بشقيها الحكومى والخاص .. حيثُ لا أمل يلوح فى الأفق لوقف هذا النزيف لشبابنا النوابغ الذين تقطعت بهم السُبُل بعد أن فشلت الدولة فى وضع حلول وتصَوَّرات لمعالجة هذا الوضع الكارثي ( لإنشغالها بمعركتها الوجودية ) ، وإنقطاع الحبل السُرِّى الذى يربطهم بمؤسساتهم التعليمية ..!!
وأمام هذا الإضطراب الأمنى والمعيشي الذى أحدثته الكلاب المسعورة والذئاب الجائعة الجريحة ، والتدمير الممنهج والمقصود لبنيتنا التحتية المتهالكة أصلاً حيث لم يتركوا لنا حتى نجماً فى السماء نهتدى به ولا عموداً فى الأرض نستند عليه .. تبقى قواتنا المسلحة رغم ما بها من دَخَنْ معدناً للجِدِّ والقِيَم وإحساس عميق بالمواطن والحفاظ على أمنه وعلى الدولة السودانية من الخطر القادم من عُمق الصحراء الإفريقية لحين تماثل بقية مؤسساتها التعليمية والصحية والأمنية وغيرها للتعافي ونيل ثقة جميع أهل السودان وإحتكامهم إليها .. !! ومما يذكره لنا التأريخ الأموى أنَّ شباب تميم ونسائها أتوا مِراراً إلى سيِّدَهم الأحنف بن قيس يشكونه صنيع ربيعةَ والأزدْ .. تارةً يقولون له إنهم دخلوا الرَحبَة فيقول لستم بأحق بالمسجد منهم ، وتارةً يقولون له إنهم دخلوا الدار فيقول لستم بأحق بالدار منهم ، ثُمَّ أتته إمراة بمجمر فقالت مالك وللرئاسة فلم يُحَرِّكْ ساكناً .. كُلُّ ذلك خوفاً من الفتنة القبلية والرجوع إلى عصبية الجاهلية .. !! حتى إذا أتوه يوماً وقالوا له إنَّ عُلَيَّةَ بِنت ناجيةَ الرَّياحى قد سُلِبَتْ خلاخيلها من ساقَيهَا ..!! عندها وقف الأحنف وعَقدَ لواء معركة الكرامة ..!!
نسأل الله أن يحفظ لنا بلادنا وأهلها ومؤسساتها الخدمية ، وأن يُبقى لهذا الشعب الصابر قواته المسلحة وشُرطته وأجهزته الأمنية سنداً وذخراً ليستردوا له خلاخيله المسروقة ويستعيدوا له كرامته المُهدرة ..!!
الإثنين ١٨ سبتمبر ٢٠٢٣م