اسامة عبدالماجد
¤ تبدو استقالة سفير السودان لدى كندا طارق حسن ابوصالح في ظاهرها، شأناً خاصاً.. لكن هي واحدة من علامات الضعف الكبير الذي تعاني منه وزارة الخارجية وحالة الفراغ الكبير جراء غياب الارادة والقيادة لدى الوزير علي الصادق والوكيل دفع الله الحاج علي.. واظهرت الاستقالة تجليات النفاق السياسي لسفراء مرحلة قحت.. الذين هبوا لنصرة الباطل وكانما الانقاذ كانت عدوة لهم.. او ان الترقي لدرجة السفير والترشيح لمحطة خارجية لم تتم عبر مكتب الرئيس البشير.
¤ اكمل طارق فترته في كندا – بالمناسبة هو قائم بالاعمال ولم يكن سفيرا معتمدا من جانب الحكومة الكندية – مثل قراره حالة من الانتهازية في أبهى صورها.. ولعله أستلم مستحقاته المالية حتى آخر دولار بما فيها قيمة تذاكر العودة وترحيل اغراضة.. رغم الظروف المالية القاهرة التي تمر بها الوزارة.. ظل السفير متواجدا في كندا منذ إنتهاء فترة عمله وإخطاره رسمياً ووفق قانون العمل يفترض فصله بسبب الغياب لفترة (45) يوما.
¤ لكن فيما يبدو ان قيادة الوزارة رفضت تكملة إجراءات الفصل.. وتم منحه فترة سماح، جعلت منه بطلاً فتقدم بإستقالته عبر مسرحية سيئة الاخراج، ليبقى في كندا.. قد لا يعلم الراي العام ان السفير طارق كان عضوا باللجنة – سيئة الذكر – إزالة التمكين.. بالخارجية التي دمرت الوزارة واقعدتها تماما.. بارجاع عشرات السفراء من المحطات الخارجية والتي ظلت كثير منها شاغرة.. طيلة هذة الفترة فعجز السودان عن حصد التعاطف الدولي في مواجهة المليشيا المارقة – دعك من ادانتها – .. التي لم يدين السفير طارق في استقالته المكتوبة جرائمها المروعة.
¤ تسبب الفراغ في السفارات في ضعف التواصل الخارجي.. وجعل العشرات من دول العالم تجهل حقيقة ماجرى من تمرد.. اعقبه جرائم تطهير عرقي وعمليات قتل ممنهجة وسرقة وتدمير للبني التحتية.. عدد محدود من السفراء ادى الامانه وصان سمعة البلاد.. ودافع عنها بشرف ووطنية، وشرح للخارج طبيعة ماحدث من مليشيا الدعم السريع.. ومن المؤكد ان السفير طارق ليس واحدا منهم بدليل اللغة (القحتاوية) التي كتب بها الاستقالة وصمته عن جرائم المليشيا.
¤ انتهت فترة السفير في 20 يوليو المنصرم وكان يفترض ان يعود لرئاسة الوزارة.. وتقدم باستقالته منتصف الشهر الجاري.. ولم يخبرنا السفير ماذا كان يفعل طيلة الاربعة اشهر الماضية، التي تمتع فيها بمقر اقامة السفير والسيارة والهاتف.. وربما النثريات وكل الامتيازات.. لو كان على راس الوزارة قيادة مسؤولة ورشيدة.. وتملك قدرا من الهيبة لاخلى السفير طرفه بنهاية يوليو الماضي.
¤ لكن تقاعس قيادة الوزارة اغرت سفراء من الذين انتهت فترات عملهم او بلغوا سن التقاعد.. بالتلاعب بسمعة البلاد.. ودفعت قلة على مد يدهم لاموال البعثات.. ووقع دبلوماسيين في مستنقع الفساد.. يقاتل جنودنا البواسل في الجبهات في ظروف بالغة التعقيد.. في وقت يقدم سفراء على طعن السودان في الظهر.
¤ لم تكن استقالة السفير بكندا – واتوقع ان يقدم لجوء سياسي – هى الاولى لصناعة نجومية كاذبة.. واظهار موقف بطولي زائف.. سبق ذلك تمرد سفراء – وهو منهم – بتدخلهم في الشان السياسي بالاحتجاج على قرارات (25 اكتوبر) الشهيرة.. عاد بعضهم الى رشدهم.. ووقفوا على المبادي بدلا عن قدميهم.. وتخلوا عن ارتداء الاقنعة.. ومنهم من قدم لاحقا اداء رفيعا.. وفيهم من اجبر قيادة الدولة على اقالته مثل سفير السودان بقطر عبد الرحيم الصديق الذي احتفت به قحت وصفقت له.. وزاره وفد منها برئاسة عمر الدقير في منزله بالدوحة وقدموا له التهنئة على خيبته الدبلوماسية.
¤ لن ينصلح حال الخارجية وعلى راسها هذة القيادة الضعيفة والمترددة.. التي تخدم وباخلاص في خط مليشيا الدعم السريع.. بمسكها لجام الوزارة، ممثلا في عدم نقل السفراء الى محطات خارجية سواء بالترشيح المباشر والمستحق.. او بالنقل مكلفين لسد الثغرات وضبط التصريحات والتبصير بجرائم المليشيات.. وفي ظل عدم ترقية دبلوماسيين تاخر ترفيعهم لعدة سنوات.. وفي ظل ترشيح السفير غير المناسب في محطات مهمة، وغيرها من المخازي.
¤ ومهما يكن من امر.. فان قيادة الوزارة غير ملامة على التراخي واستخدامها الرصاص (الفشنك).. طالما الرئيس عبد الفتاح البرهان قَبِلَ بذلك.