(1)
بعد لقاء عاصف مساء الثلاثاء ٢١يونيو الجاري بين قوى التغيير (جماعة الميثاق) و السفراء الأفارقة بالخرطوم، خرج السفير محمد بلعيش سفير الاتحاد الافريقي بالخرطوم وقال ( الإتحاد لا يمكنه ان يواصل في مسار لا تتبعه الشفافية والصدق وعدم الاقصاء وكذلك لا يطلب أي دور) (ولا يعترض على أي طريقة يختارها السودانيون لترتيب بيتهم وحل أزمتهم ، وقد قرر الإتحاد أنه مستقبلا لا داعي لحضور أي إجتماعات تهدف للتمويه والمراوغة وعدم الشفافية في جو إقصائي)، بهذا الوضوح انهي بلعيش حالة من الإلتباس والإرباك سادت المشهد السوداني، من خلال مناورات رئيس بعثة يونتامس فولكر بيترس ومبعوث الإتحاد الأفريقي ود لبات..
ومع ان بيان بلعيش هو قرار نفى وإنسحاب عن الإجتماعات، فإنه حالة إثبات وتأكيد على أن إجتماعات ومواقف اليونتاميس والالية الثلاثية ساد فيها طابع (عدم الشفافية والإقصاء والمراوغة والتمويه والخداع وعدم المساواة بين كافة الأطراف ).. وأكد ان الخيار في الأمر (إن الحل سوداني)
(2)
الخرطوم مدينة لا تحتفظ بالأسرار كثيراً، مهما تدثرت بالخفاء والتدليس، كما أن الوقائع تتسرب بسرعة وكانت اروقتها تتحدث جهاراً عن سيناريوهات متعددة:
- في حال نجاح حوار الآلية الثلاثية، فإن قرارات ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م تكتسب شرعية وحاضنة جديدة وحكومة جديدة.. وإسدال الستار على حقبة مجموعة إعلان الحرية والتغيير (المجلس العسكري)..
- أسرعت هذه المجموعة للطلب من سفير دولة عربية، التدخل، ودعوة الولايات المتحدة الأمريكية للضغط على المكون العسكري لإعادة المشاورات الجانبية، وتم تهيئة المسرح من خلال:
- التأكيد على ضرورة مشاركة قوي سياسية محددة في الحوارات كما جاء في إفادات المتحدث الرسمي باسم الآلية الثلاثية وقال (أن الحوار بدونهم بلا جدوي)..
- وقال فولكر في لقاء قناة الحرة (أن تظاهرات ومواكب لجان المقاومة مهمة ولولاها لما جلست السلطات للتفاوض)
- تأجيل ومماطلة في مواصلة إنعقاد جلسات الحوار بين القوى السياسية مع تشجيع وترحيب بالحوار الثنائي مع المكون العسكري..
- إشتراط قوي الحرية والتغيير (المجلس المركزي) إيقاف وتجميد حوار الآلية الثلاثية والإكتفاء بالحوار معهم وهو ما سماه بلعيش (عدم الشفافية والخداع والإقصاء والتمويه)..
(3)
أدركت مجموعة الحرية والتغيير (الميثاق الوطني) وبقية القوى السياسية الوطنية والشخصيات القومية ان هناك محاولة لقلب طاولة الحوار وتجييرها لصالح قوي سياسية وأجندة مريبة، وتحركت في مسارات متعددة ومن بينها الإتحاد الأفريقي…
بينما قوي أخري داعمة للمواكب تنتظر تظاهرات يوم ٣٠ يونيو المقبل لمزيد من الضغط على المكون العسكري وفرض أجندة تحت بند (رأي الشارع)، ولم ينف مبعوث اليونتاميس الأحاديث عن مبلغ ٥٠٠ ألف دولار تم تسليمها لصالح مشاركة أوسع للفاعلية.. كل ذلك التنازع والمكون العسكري على قول خفيض :
(ندعم الحوار الذي تيسره الآلية الثلاثية ولا عودة التحالفات الثنائية)..
(4)
لقد كشف بيان الإتحاد الأفريقي عن جانب من الممارسات الغوغائية بإسم المجتمع الدولي، و الإنحراف عن المهام والصلاحيات، والإنجراف خلف مخططات عبثية، في الساحة السودانية..
كان يمكن للسيد فولكر بيرتس وود لبات المضي في حواراتهم وتوسيع إتصالاتهم وفتح قنوات مع آخرين، دون رهن إرادة الأمة والوطن لاحزاب وجماعات محددة ودون وضع إشتراطات مسبقة ودون إجتماعات خفية وتفتقر الشفافية ويكتنفها الغموض، وغاب عنهم ان المجتمع السوداني ومهما تأزمت الأوضاع ميال للتراضي والتوافق وإن أجندة الإقصاء دخيلة كما أنها حيلة العاجزين، فالأصل في العمل السياسي التنافس والمدافعة وفق الخيارات والممارسة الديمقراطية وليس الإبعاد والحظر والتعسف.. ولذلك حاق بهم البوار..
ولم يعد من سبيل سوي تعزيز اللحمة الوطنية ووحدة الصف والرضى بالخيار الديمقراطي (الذهاب إلى صناديق الإقتراع)، هذا إختبار الشارع نبض الشارع، أما التحشيد، فإنه موقف للتعبير وليس مقياساً للتقرير بشأن الوطن ومستقبله..