✍️ السفير عبد المحمود عبد الحليم
…فى البواخر العابرة والقطارات التى انهك سيرها تباعد الاحبة، وعلى امتداد القرى والمدائن ظل مكتب البريد ووكيل البوستة محروسا بقلوب المحبين وآهات المشتاقين قبل ان تحرسه فرق الحراسة ، ولم يكن وكيل البوستة الا حاملا لاختام البشارات قبل ان يكون موظفا فى إدارات ووزارات البريد ، ولم يؤدى تطور التقانة فى كل أنحاء الدنيا الا للمزيد من الفاعلية فى إيصال رسائل نكتبها بدم الشريان…وانطلاقا من قواعد فقه العواطف التى أرست مبدأ “حبيبى اكتب لى..وانا اكتب ليك” ظل البريد بطوابعه واختامه ساحة ثرة لإبداعات الشعراء والمغنيين الذين تغنوا لحمام الزاجل” انا عندى ليك رسايل..انا عندى ليك” وتابعوا مسار الطير المهاجر الذى وان تعب منه جناح زاد فى سرعته بلوغا لحبيبة” تشتغل منديل حرير لحبيب بعيد” .. فى كل ذلك شكل البريد قطعة “مميزة” فى دواخلنا على لغة إدارات الأراضى ..وكانت طوابع البريد فى كل ذلك تسجل تاريخنا وأسماء عظمائنا وصور مشاريعنا القومية وظلت معرضا عالميا تنقله يوميا الى أركان الدنيا المختلفة الطائرات العملاقة ووسائل النقل الأخرى، كما ظلت الدول تتبارى فى تخليد ايقوناتها عن طريق تخصيص طوابع بريد تحمل صورهم وسمتهم..فى اغانينا واشعارنا شهدنا كل ذلك..غنينا “للبريدو..مالو أتأخر بريدو ” واحزننا ان ” مافى حتى رسالة واحدة…بيها اتصبر شوية ..والوعد بيناتنا انك..كل يوم تكتب اليا ” وهمسنا فى اذن ساعى البريد مرددين ” بالله ياساعى البريد…سلم على الزول البعيد …قوليهو غيرك مابريد “.. وللعشاق “ميثاق” استخدم أحدهم “الفصل السابع ” العقابى فيه حيث طلب من حبيبه ” انتا.. رجع لى رسايلى..والرسائل العندى شيلا..شيلا..والصور لو درتا برضو…وكل ذكرة ريد جميلة..شيلا…”..
طافت هذه الخواطر بذهنى وأنا أطالع ما اوردته الوسائط الإعلامية من خبر استثنائى وغير مسبوق وهو إصدار دولة قطر لطابع بريد يحمل صورة الموسيقار الكبير عبد اللطيف خضر ود الحاوى، فياله من تكريم…وياله من مكرم ، بل هو تكريم للموسيقى والابداع السودانى قاطبة…ظل ود الحلوى طوال العقود الماضية يزين الساحة الفنية بروائع ألحانه قبل ان يصطاد القطريون اجمل لآلينا فيذهب عبد اللطيف للعمل هناك فى عدة مواقع موسيقية هامة ويتوهج إبداعه…
كان الملايين يتابعونه عبر الاذاعة السودانية وشاشات التلفزة ممسكا بآلة الاكورديون او الجيتار وهو يضفى القا وجمالا وتماسكا وحيوية لاغانينا ..نبعت اجمل الالحان من صدر ود الحاوى و خرجت من انامله كذلك احلى صولات الاغانى والمقطوعات..ظل بابتسامة صبوحة لا تفارق محياه وبقامة مديدة اغلى كنوزنا ، كما ظل فى تعاملاته مع
أطياف الفنانين المختلفة نموذجا للصدق والتميز والخلق الرفيع…وقد شكل ود الحاوى ببصمته الابداعية مدرسة سيخلدها تاريخ الاغنية السودانية وكانت الحانه تصنع الفرق
من بين سائر الحان الفنانين الأخرى مسنودا بموهبة لحنية نادرة وبدراسته بسلاح الموسيقى بالسودان ومعهد الموسيقى العربية بمصر كما عمل استاذا لها…بأكثر من ثلاثمائة من الأعمال المسجلة داخليا وباذاعات خارجية تعاون ود الحاوى
مع العديد من الفنانين وان كان لإبراهيم عوض قدحها المعلى فلحن له على سبيل المثال لا الحصر “غاية الآمال” و”المصير”و ” يا زمن ” و ” ابقى ظالم ” و ” وسيم الطلعة” و “قلبك حجر” و ” مابقدر اقول “…و لحن لحمد الريح “بين اليقظة والأحلام ” و “شالو الكلام “و لصلاح ابن البادية ” سال من شعرها الذهب” وعثمان حسين “تسابيح” ولعثمان مصطفى “مابعاتبك مابلومك”
و “راح الميعاد”..وللامين عبد الغفار “اشيل الريد ‘” و “ماسلامك “لمجذوب اونسة.. ولحن لعبد العزيز المبارك ” احلى جارة”..و ” سحروك ولا ادوك عين ” لنجم الدين الفاضل ..ولحن لخوجلى عثمان ” اسمعنا مرة ” وقدم روائعه اللحنية كذلك لزيدان ابراهيم و عبد العزيز داؤود ومحمد الأمين وكمال ترباس وثنائى العاصمة وثنائى الجزيرة واحمد الجابرى واسماعيل حسب الدائم ومحمود عبد العزيز وطه سليمان وعز الدين عبد الماجد وعماد احمد الطيب وهشام درماس وعلى العمرابى وابراهيم موسى ابا ومعتز صباحى وعبد التواب عبد الله وعاصم البنا وغيرهم…وقد كرمه نميرى والبشير كما منح وسام الامبراطور هيلاسىلاسى من الدرجة الأولى عام ١٩٧٠…ود الحاوى قصة نجاح نفخر بها..
فيا حبيبنا عبد اللطيف…اكرمك الله وزادك من فضله…ومنحك دوام الصحة والعافية والتوفيق….ونأمل أن تحمل صورتك طوابع البريد فى السودان ايضا ، وان لاينطبق عليها قول اغنية ترباس ” انا عندى ظن..ساعى البريد شم العبير عجبو الكلام نايم عمل..زعلانة ولاشنو الحصل”…
ويااستاذ عبد اللطيف خضر….شعب السودان بريد (ك )…..