✍ د. عادل عبدالعزيز الفكي
وزير التجارة الجديد على جدو تفاءلنا بإختياره بإعتباره تكنقراط خبير بمجال التجارة وتطوراتها على المستوى الدولي، إذ أنه بالأساس ضابط جمارك متخصص في ملف منظمة التجارة العالمية. غير أن أول تصريحاته تشي بكل أسف إلى أنه سوف يعمل بنفس طريقة سابقه الوزير مدني عباس مدني التي أودت به إلى الفشل.
وفقاً لباج نيوز قال الوزير أن أولويات الوزارة تركز في المرحلة القادمة على معالجة القضايا المرتبطة بمعاش الناس، وتشديد الرقابة على الأسواق بمشاركة الجهات ذات الصلة، بجانب الاهتمام بالتعاون. وقال ان الوزارة تحتاج لجهد أكبر بعد ارجاع مهام التموين لها.
ما أدلى به الوزير عناوين مبهرة لليلة سياسية، غير أن الحقائق المعلومة الآن تشير إلى أن إنشغال وزارة التجارة بمسألة التموين ورقابة المخابز ومطاردة تجار التجزئة أفقدها مهام أساسية كبرى مثل الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، وحفز الصادرات السودانية والمصدرين السودانيين، وفتح الأسواق الخارجية أمام المنتجات السودانية.
يا سيادة الوزير إن أسعار المواد الغذائية الرئيسية مرتبطة بثلاثة عناصر أساسية الأول قيمة العملة السودانية أمام العملات الأجنبية، وهذا عنصر انت لا تملك فيه شيئاً، هو مسئولية البنك المركزي ووزارة المالية، والثاني موسمية انتاج بعض السلع وهذه مسئولية وزارة الزراعة في زيادة الإنتاج والحزم التقنية، ومسئولية وزارتي الصناعة والاستثمار فيما يلي تشجيع الاستثمار في المخازن المبردة. والثالث وجود السماسرة والوسطاء ما بين المنتج والمستهلك، إن محاربة هؤلاء على مستوى الولايات أجدى من تكوين شرطة مباحث تموين مركزية تشرف عليها وزارتكم الموقرة.
أما توزيع الدقيق وتسعير الخبز فلا شأن لك به أيضا، على وزارة المالية والبنك المركزي توفير المكونين المحلي والأجنبي لاستيراد القمح، وعلى وزارة الصناعة تحديد تكاليف الإنتاج وجودة المواصفات، وعلى الولايات التسعير المحلي وفق ظروف كل ولاية.
وأما التعاون فإنت تعلم أن الجمعيات التعاونية منظمات شعبية ينظمها قانون خاص، ودوركم ينبغي أن يكون في إطار التشجيع ومنح بعض المزايا التفضيلية لا التدخل بحل الجمعيات حسبما تم في عهد سلفكم وتسبب في مشاكل هائلة للجمعيات والبنوك والجهات التي مولت جمعيات تعاونية وقامت وزارتكم بحلها دون مسوغ.
نقترح أن تهتم بملف منظمة التجارة العالمية، وانت متخصص فيه، وتعلم أن دورة المنظمة المنعقدة في جزيرة بالي باندونيسيا في 2013 قد أقرت تقديم موارد مالية ضخمة للدول الشاطئية التي توفر موانئ ومرافق لتيسير تجارة الدول المغلقة (التي لا شواطئ لها على البحار)، السودان يملك هذه الميزة وأتمنى أن يكون ملف منظمة التجارة العالمية مستمراً بوزارتك والا يتم نقله لوزارة أخرى. ومن خلال هذا الباب يمكنك تقديم فائدة كبرى للاقتصاد الكلي.
قرأت تصريحاً منسوباً لك انك ستعمل على وقف الاستيراد ما عدا للمواد الضرورية، وهذا تصريح مستغرب من شخص يعلم أن الاتجاه العالمي الآن هو تشجيع التجارة من أجل التنمية، من واجبك رفع القيود عن التبادلات التجارية مع مختلف الدول خصوصاً دول الجوار. ومع اتجاه الحكومة الآن نحو تحرير سعر الصرف فلا داعي لأي قيود متعلقة بالصادرات والواردات، ويجب التوقف عن الحديث عن إعادة عائدات الصادر، دعوها تنساب بتلقائية للداخل لتطوير الإنتاج الزراعي والصناعي ولا تحجموها بالقيود الإدارية. والله الموفق.
نشر بالسوداني