كم يؤلمني تبني قحت لمصائر الشعب السوداني والتحكم فيه، وممارسة السلطوية وتنصيب نفسها ناطق رسمي بإسمه. وكم يؤلمني تماهي الآلية الثلاثية معهم ووضع اعتبار لغضبهم لا( وكمان) تصرح بأنهم أصحاب المصلحة عندما تغيب جنابهم العالي عن جلسات الحوار. بالله عليكم من انتم وما هو وزنكم، شوية فكة أحزاب مقابل أخرى ذات وزن وتاريخ وثقل، ومقابل شعب حدادي مدادي يلتزم الصمت حيال ضوضاء وطرقعة فارغة كفراغ قلوبهم من اي وطنية، وخواء أفكارهم المتحجرة عند السلطة فقط لا غير.
استبشرنا خيرا بالحوار وتمنينا أن يؤتى آكله، وان يتناسى الجميع مراراتهم، واحقاهم الشخصي بعضها والسياسي من أجل إخراج البلاد من ما هي عليه الآن بسبب كلتا العسكر والمدنيين. واستبشرنا أكثر عندما قبل الطرفان الاستجابة لوساطة مبعوثة الخارجية الأمريكية وسعادة سفير خادم الحرمين الشريفين، وظللنا ننتظر عسى ولعل أن يسفر مخاض اللقاء العسير عن نتائج طيبة، طبعا لم نتوقع إنهاء الخلاف كليا ولم نرفع سقف آمال التراضي كون الهوة سحيقة وتحتاج لزمن حتى تردم ولو لمستوى وسط. ثم توالت بعد ذلك بيانات مقتضبة يتخلل بعضها تناقض للآخر، لكن ثمة بريق امل استشف من بين سطورها ريثما يتم التوضيح أكثر من قبل قوى الحرية والتغيير، وهو ما حدث في اليوم التالي للاجتماع الذي باركه الجميع عندما عقدوا مؤتمر صحفي ضاف.
صحيح أن من حق قحت أن تضع شروطا وكذا العسكر مع تقديم بعض التنازلات لكليهما لكن الشاهد أن الأخيرين لم يخرج منهم أي تصريح لا سلبا ولا ايجابا عقب اللقاء سوى ترحيب عام بالجلوس إليهم وربما هناك ما لم يخرج للعلن. اما شروط ومطالب قحت التي أسفر عنها مؤتمرهم الصحفي ظهر الجمعة، وكذا اجتماعهم بالآلية الثلاثية فمجحفة للغاية واختزل الاجحاف في طلبهم عودة العسكر للثكنات واعتقد أن تحقيق ذلك صعب للغاية ونستنكره كذلك ليس حبا في حكم العسكر وهم أس بلا ما نحن فيه الآن من إنحدار على كافة الصعد عقب انقلابهم على وضع شارف على الانتهاء فعمدت بتصرفها لتمديده لأجل غير مسمى، كيف لا والسادة قحت سيدرسون مجددا آلية الوضع والترتيب لما بعد إبعادهم للثكنات.
وانا اقرأ بنود ومحاور طلباتهم أمس راودني أن من وضعها ثلة أطفال يلهون بمصير شعب كامل وكأن بهم عمى بصيرة والبلاد تعاني تشظى على كافة المستويات وعلى رأسها انقسامهم جميعا واعنى قحت الأولى التي تفرقت ايدي سبا.
هل برأيكم أيها الساسة ان نبدأ مجددا ( حجوة أم ضبيبينة الزمان ديك ونق نق نق ) ووثيقة أو صيغة جديدة قد تولد بعد أكثر من سنة وسط أسوأ ظرف يمر به السودان وأهله يموتون في اليوم ألف مرة؟..ثم كم تنوون حكمنا هل ستورثونا برأيكم?
قلت إن وجود العسكر مع جلطاتهم التي فاقمها إعادة الكيزان مجددا الدواوين العمل وبداوا في استعادة ممارساتهم السابقة المعلومة للجميع، لكن عودتهم ضرورة في المشهد السياسي لسبب عظيم وهو حراسة الحكم من العمالة والعملاء الذين يتربصون به وينتظرون هذه السانحة ( اي ابتعاد العسكر) حتى بجهزون عليه، فهم الجهة الوحيدة المعنية بأمن البلاد وحراسته من الداخل والخارج والمؤسسة الوحيدة التي تتوفر فيها الوطنية الحقة المجردة ، كيف لا وهي ( قوات الشعب المسلحة) الضامن الوحيد لأمنه، ولا نضمن ماذا سينتج حال ابتعادهم سيما في هذا الظرف وهؤلاء الحالمون بحكم منفرد للبلاد.
نعم للمدنية الخالصة، نعم للديمقراطية التي لم ينعم بها السودانيون بعد لكن بالطريقة الصاح.
الآن وبعد أن رفعت الآلية الثلاثية ( فراش المتحاورين طبيعي) ماذا تنتوى ؟ وهل ستستجيب لما يطلبه الحالمون للعودة للحكم ؟ أم هناك رؤية محددة، وان كنت أرى أن لن تتوفر رؤية لأي منهم ابدا والساسة كل يوم في أمر جديد..لله درك يا بلد طيب.