
لقد وقف رئيس الحكومة المرتقبة يومها على منصة التلفزيون السودانى ممسكاً بتلابيب البلاغة ينثر من دُرر الوعود ما يليق بالمقام وهو يشرح ملامح حكومة الأمل بلسانٍ عربى مبين لاتلحن فيه الألفاظ ولاتزل قدم البيان ..!!
ولكن هل مهرجان الخطابة هذا الذى ينتظره أهل السودان من رئيس الحكومة ومن حكومته التى طال إنتظارها ..!!؟
فالمتابع للأزمة السودانية يجد أنه لاوجود لخطاب سياسى حقيقى حول الخيارات الوطنية ، وكل الذى نسمعه ممن يتصدرون المشهد لايتجاوز مستوى توصيف الواقع الذى يعيشه المواطن المغلوب على أمره ..!! فهل مهمة الحكومة هى إخبار أهل السودان بما يعرفونه ويعيشونه كل يوم ..!!؟ إنَّ الذى ينتظر حكومة الأمل هو بعث الأمل فى النفوس التى أضناها البحث عن الأمل ، وأن تُقدُّم رؤية متجردة للإصلاح ومشروعاً يتجاوز المآسى التى خلفتها الحرب وتقترح حلولاً قابلة للتحقيق لبناء مستقبل أفضل لهذا الوطن الذى يستحق ..!!
كل الذى تأمله بلادنا أن تجد وزراء يجرؤون على تقديم تصور واضح لسياساتهم الأمنية والإقتصادية والإجتماعية والتنموية ..!! وزراء يُبَيُّنون لأهل هذا البلد المنكوب مالذى ينوون فعله وماهى رؤيتهم لتحقيق العدالة الإجتماعية .. فالناس فى بلدى يصنعون الحُب ويأملون فى حكومة فاعلة تتناول القضايا الجوهرية والمعلومة بالضرورة للكافة بكل جُرأة ورغبة فى الإصلاح .. لاحكومة يغيب فيها الوضوح ويُخيُّم على جنباتها الصمت ..!! وتردد الشعارات الفضفاضة التى تخلو من أى مضمون ..!! فالإنسان السودانى بفطرته النقية ووعيه المتقدم على الأداء الحكومى من لدن أولى الحكومات الوطنية عُرف عنه النفور من أية حكومة لم تُقدُّم له شيئاً يُقنعه أو يَنفعه والزهد فيها ..!!
وليعلم أعضاؤها المبجلون الجُدد أنَّ الوزارة أوالوظيفة العامة ليست وجاهة وعظمة وأُبَّهَة كما يتوهم البعض بل هى كالدَّيْنِ غَمٌّ وذُلٌّ بالنهارِ ، وسَهَرٌ وهَمٌّ بالليل ، وهى أمانة عظيمة ومسؤولية جسيمة وإنها يوم القيامة خِزىٌ وندامة إلاَّ من أخذها بحقها وأدَّى الذى عليها .. فالعاقلُ لايَفرَحُ بأىِّ تكليف يتعلق بأهل السودان فى ظل هذه الظروف الحرجة وبحياتهم ومعاشهم وأمنهم المجتمعى وأمنهم القومى ..!! ففيهم الفقير الجائع والمريض الضائع والعارى المجهول ، وفيهم المقهور والمظلوم بفعل ما أحدثته فيهم تلك الحرب اللعينة لأنَّ الله سائله عنهم ..!! وكيف يفرح بثقل المسؤولية وقول الله تعالى : ( وَقِفوهم إنهم مسؤولون ) سيفٌ مسلط على رقبته ..!!؟
ورغم كل ما تقدم فإنَّ الأمل معقودٌ على حكومة الأمل لتقديم المشاريع الوطنية الحقيقية حتى لا تظل بلادنا أسيرة حكومة بلا رؤية للبناء والإصلاح ومستقبل بلا بوصلة .
حفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .. وأعان كل من يتولى شأنها العام للخروج بها إلى بَرَّ الأمان .
الخميس ٣ يوليو ٢٠٢٥م