اسامة عبدالماجد
¤ عندما وصل صالة المناسبات ليتقاسم الافراح مع عضو مجلس السيادة السابق ابو القاسم برطم. بمناسبة زواج كريمته.. حظى باهتمام فوق المعدل، بدأ وكأنه عريسا.. وكان ذلك بمثابة استفتاء لمكانته وشعبيته.. والتي هي ليست محل شك، وارتياب مثله ووالد العروس، الذي خف الجميع لمشاركته فرحته.. لكن السعادة الحقيقية كانت سياسية فتلك تهم قطاع عريض عندما لفت القادم وبرطم الانتباه مبكرا الى حقيقة قائد المليشيا حميدتي.. وازاحا عن وجهه القناع الذي كان يتخفى وراءه.. وظهر كثعلب ماكر وحية رقطاء تبث سمومها اين ماوجدت
¤ تذكرت تلك اللحظات عند سماعي مساء امس النبأ المفجع برحيل المك/ عجيب الهادي، .. وحرص عدد من المدعوين لمناسبة برطم، على التقاط الصور التذكارية معه.. منهم الاعلامي فوزي بشري ومدير شركة الموارد المعدنية مبارك اردول.. وكاني بفوزي اعد تقريرا لافتا بصوته الممبز على قناة الجزيرة، عن جسارة ومكانة المك المميز.. وسجله الناصع ، فاعل لـ (الخيرات) وسباقا في (الاجتماعيات).. أو يحدثنا فيه (اردول) عن رجل كان لأي (زول).. رجل (ذهب) وكان اغلى من (الذهب).
¤ كان المك رئيس الادارة الاهلية بولاية الخرطوم
- له شآبيب الرحمة والمغفرة – قد اعطى وقتها كبير المتمردين حميدتي.. درسا حول معادن (الرجال)، وشجاعة (الابطال).. اعلن عجيب على الملأ في موقف نادر الحدوث اعادته (بوكس) لحميدتي اهداه له في وقت سابق.. اعاده حتى وان كان بوصف الشيخ البرعي له الرحمة والمغفرة:
نركب فوق بوكسى.. جديد ولا مهلهل
تصميم مكنتو.. كطرازنا الاول
موزون ومجهز..صامولتو ما بتنحل
اتنين دفنرشى.. مثل البرق واعجل
في تاكيد واضح ان (الرجال) لا يشترون بـ (المال).. وان الاخلاق تقاس بمعايير المواقف.. والثبات على المبدا مثل الجبال لا تتبدل ولا تتزحزح
¤ كان عجيب لا يخاف في الحق لومة لائم.. ظل مدافعًا عن الدين وقيمه.. ذات مرة وفي لقاء حاشد قال: (إن الدين خط أحمر .. دونه المال والاولاد وفي سبيل ذلك سنفارق اي كان حميدتي أو برهان.).. هو حديث يشبه عجيب.. والذي يمثل رحيله فقد لكل اهل السودان لا أهله في قبيلة الجموعية.
¤ كان عجيب جراب راي ، (حلال مشاكل)، يخفف عن كل صاحب حاجة (البلاء)، ويمد اليهم (العطاء).. أهل حوبه و(سند المايلة) وجمل الشيل.. ظل يوصل عرى التواصل مع كل مكونات المجتمع بشكل (عجيب) و(فريد).. برع في تخفيف (الصدمات) وتخفيف (الآهات).. كان نعم السند وخير معين لـ (البعيد) قبل (القريب).. (خفيف) عند الفزع، (ثقيل) عند (الطمع).
¤ لم يكن عجيب من قوم (تبع) كما حذر حميدتي .. وانهم اصحاب رأي.. وجاهر بذلك الراي وقت (الحارة).. تمتد خيوط تواصله مع الجميع.. شارك في لقاءات مناصرة المعتقلين السياسيين.. مترعا بقول الحقيقة.. وقف في منصة احتفائية تضامنية لمساعد الرئيس الاسبق د. نافع على نافع وانزله مقامه المستحق.. كانت وقفة اسد وفارس كما هو د. نافع… وكلاهما مليئا بالفكرة والهمة.
¤ عجيب صفي النفس، نظيف الفؤاد.. يسعى في سبيل الخير آناء الليل واطراف النهار.. قلبه واسع فسيح كنفسه الفياضة.. ولا تجده الا مبتسما.. رحل عجيب في مصر (المؤمنة).. وترك بلادنا (المروعة) بواسطة العصابة المتوحشة.. لكن ستعود أمنة مطمئنة.. ستعود الخرطوم رغم انف من يقولون (هي حقت ابو منو).. هي (حقت) الجموعية وجميع اهل السودان.. كما كان عجيب من كل اهل السودان.. برحيله انكسر (مرق) الادارة الاهلية..
¤ ومهما يكن من امر رحل الهادئ والموت حق.. ولكن سنلتقط من ذكراه كل خصال اهل السودان.. من كرم وسماحة وشجاعة.