- ما ستشهده مدينة الفاشر صباح اليوم الأحد من احتفال بتخريج (2) ألف عنصر على يد رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش – يمثلون الدفعة الأولى من قوات حفظ الأمن وحماية المدنيين – يعتبر الحدث الأبرز على الإطلاق في مشهد السياسة والسلام في السودان، ومعلوم أن هذه القوة هي جزء من (12) ألف عنصر حصرتها خمس حركات مسلحة موقعة على اتفاق جوبا للسلام في أكتوبر 2020، ووفقاً لنصوص الاتفاقية والترتيبات الأمنية: تشكل قوة مشتركة من الحكومة وهذه الحركات لتقوم بمهام حفظ الأمن في دارفور، وحماية المدنيين .. وانخرطت هذه القوة المتخرجة اليوم في التدريب العسكري المهني المكثف وفق قواعد ونظم الجيش السوداني منذ الأول من فبراير الماضي بمعسكر ( جديد السيل ) التابع للفرقة السادسة التابع للقوات المسلحة،، وستنطلق هذه القوة فور تخرجها إلى ربوع دارفور لتحقيق الطمأنينة والأمن والسلام لمواطنيها ..
- حزمة من الانتكاسات والتراجعات ضربت مسيرة الفترة الانتقالية منذ التغيير في إبريل 2019، ويأتي علي رأس هذه الحزمة انتكاسات المسار السياسي الذي خربته النوايا الذاتية لبعض السياسيين والناشطين اللاهثين للحكم ولاختطاف الواقع السياسي وتجييره للمصلحة الحزبية والخاصة بمحاولة رسم مستقبل البلاد وفق أهوائهم وتطلعاتهم في حكم البلاد وليس وفق ما يهوى عموم الشعب بعد تحديد خياراته الحرة ودون الاستمراء في سرقة لسانه ،،، وسط كل ذلك تأتي خطوة اليوم لتعبر عن جدية حقيقية في تنزيل بنود اتفاق جوبا الذي محوره الأساسي ملف الترتيبات الأمنية والذي بدونه لن يتم التأسيس للسلام، أو تحقيق الاستقرار، أو التخطيط للتنمية ..
- حركة دؤوبة شهدتها ولايات دارفور في الأسابيع الماضية سبقت خطوة اليوم ، وربما تساءل الكثيرون عن سر مكوث نائب رئيس مجلس السيادة لفترة طويلة هناك ، وتضاربت التحليلات حول ذلك دون أن تهتدي الكثير منها إلى أن هذا النشاط مرسوم له ومنسق أن يتم قبل أو بالتزامن مع نشر قوات حفظ الأمن وحماية المدنيين، وهو بذل الجهد لإعادة اللحمة المجتمعية والأهلية لدارفور بعقد المصالحات وإزالة الظلامات والتوافق على مطلوبات المستقبل، وبذلك تصبح الخطوط واضحة المعالم ـ حتى لو تبقت بعض القضايا العالقة ـ لمسار مهمة القوات المتمثل في إيقاف التعديات واجتثاث الجرائم ضد النفس والمال وبسط الأمن الشامل وإكمال مشروع جمع السلاح غير القانوني،، ولاحظ المراقبون والمتابعون قائمة من النجاحات الكبيرة التي تمت نتيجة لهذه الحركة الدؤوبة.
- الالتزام بالمواثيق الموقعة بين الحكومة والحركات في جوبا، وتحقيق الاستقرار في دارفور سيحدث تحولات كبرى، ليس على صعيد دارفور وحدها بل على صعيد كامل المشهد السوداني، والتداخلات الإقليمية والعلاقات الدولية،،، فمعلوم أن ملف دارفور كان محط اهتمام المجتمع الدولي في السنوات الماضية من عدة زوايا أهمها مصالح متقاطعة (وسنأتي على ذلك بالإضاءة لاحقًا) ثم زوايا أمنية وأخرى إنسانية، كذلك فإن تداخل مكونات دارفور مع دول جوارها ظل يحدث الانعكاسات المتعددة على داخل دارفور من الخارج، وإلى خارجها لدول الجوار ابتداءً من ليبيا وحربها، مرورًا بتشاد وقضاياها، إلى إفريقيا الوسطى وصراعاتها، ثم تعدى ذلك الأثر حتى إلى بعض دول الغرب الإفريقي .
- لكن ما يجهله بعض ساسة الخرطوم، وما يتجاهله بعض الوالغين في تعقيد المشهد السوداني من السياسيين والمبعوثين الذين ( يعلمون كل شيء) ، أن دارفور بمكوناتها الأهلية وكياناتها التقليدية وحركاتها المندمجة والتي ستتحول بالطبع الى قوى وأحزاب سياسية فاعلة، ستمثل بعد اليوم (الثالث من يوليو) أحد الأعمدة الصلبة في حمل الفترة الانتقالية وحسم مقتضيات مسارها الى نهايتها المنطقية والطبيعية بعقد الانتخابات العامة،، وستتناغم في ذلك مع القوى السياسية والمكونات الوطنية الأخرى الراغبة في إقرار وثيقة الانتقال عبر الحوار الوطني المستقل الذي سيدار بالمنصة السودانية الخالصة دون سواها، وإلى الملتقى.
..