تصريحات حادة وتحذيرات قوية صدرت عن المجلس السيادي ومسؤولين تنفيذيين بشأن تحركات البعثات الدبلوماسية فيما أسموه بالتدخل في الشؤون الداخلية للسودان.
حسناً.. فتدخل البعثات الدبلوماسية وعدد كبير من السفراء الأجانب في الشأن الداخلي لبلادنا لا يحتاج إلى تنبيه، فهو واضح وضوح الشمس، لكن الجديد هنا هو تحذير السلطات المختصة من مغبة التدخل والتحركات في هذا التوقيت تحديداً.
لقد ظل السودان من أكثر الدول التي يتجول فيها السفراء الأجانب، ليس الآن، ولكن منذ أن سلبته المحاور الدولية والإقليمية سلطة السيادة واتخاذ القرار، ومنذ أن أصبحت الدول الخارجية هي التي تدير البلاد بالوكالة بحسب ما تقتضيه مصالح شعبها لا مصالح شعب السودان المغيب.
الناطق الرسمي لوزارة الخارجية السفير خالد فرح تحدث في برنامج كالآتي عن تحركات غير منسقة مع الأعراف الدبلوماسية من خلال الاحتجاجات كشفتها الجهات الأمنية وأحاطت وزارة الخارجية التي قامت بدورها بلفت انتباه تلك البعثات، وطالبتهم بمراعاة قواعد السلوك الدبلوماسي حتى لا تضطر الخارجية لاتخاذ إجراءات ضدها.
معلوم في الأوساط الدبلوماسية والسياسية والإعلامية أن احتجاج أجهزة الدولة هذا معني بها بعثات دبلوماسية خاصة بدول بعينها، وهي الدول التي تظهر دعمها بوضوح للاحتجاجات والمظاهرات التي تخرج الآن مطالبة بالتحول المدني واستبعاد القوات المسلحة من المشهد السياسي، وبغض النظر عن شرعية أو عدم شرعية مطالب المحتجين فسلوك البعثات الدبلوماسية والسفراء الأجانب غير مقبول وهو فعلاً يدل على تدخل سافر في الشأن الداخلي للبلاد، وعلى أي شخص سوي مهما كان موقفه السياسي من الأحداث أن يرفض هذا التدخل ويدينه.
لكن في المقابل هناك عدد من السفراء الأجانب يصولون ويجولون في شوارع الخرطوم يلتقون السياسيين والإعلاميين ورجالات الإدارة الأهلية والطرق الصوفية. يعقدون الاجتماعات مع قيادات حزبية موالية ومعارضة، يقومون بأفعال وتدخلات لا علاقة لها بالعمل الدبلوماسي والأعراف السائدة، فما موقف الجهات الأمنية والسيادية من هذا النوع من البعثات، هل تم رصدها وتحذيرها أم إن غض الطرف عنها في هذا الظرف السياسي يأتي من باب (ابعد من الشر وغني له).
اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية تحدد الإجراءات والضوابط الخاصة بالعمل الدبلوماسي بين الدول، وتبين الحقوق والواجبات الخاصة بأفراد البعثات الدبلوماسية.
المادة (9) تشير إلى أنه للدولة المعتمدة لديها في أي وقت وبدون ذكر الأسباب أن تبلغ الدولة المعتمدة أن رئيس أو أي عضو من طاقم بعثتها الدبلوماسية أصبح شخصاً غير مقبول.
المادة (41) من الاتفاقية نفسها تشير إلى احترام قوانين ولوائح الدولة المعتمدين لديها، وعليهم كذلك واجب عدم التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدولة.
على السلطات السودانية أن تطبق القوانين واللوائح على كل البعثات الدبلوماسية وأفرادها الموجودين بالخرطوم، وليس على طريقة هذا معنا وذلك ضدنا في الأزمة السياسية الآن.
somiasayed @gmail.com