تأثير وسائل التواصل الاجتماعي علي مؤسسات التنشئة الاجتماعية في السودان: جماعة الأقران (الرفاق) أنموذجا 2-3
تطرقت العديد من الدراسات في عدد من المجتمعات (من بينها المجتمعات العربية المعاصرة) لتأثير وسائل التواصل الاجتماعي علي مؤسسات التنشئة الاجتماعية خاصة جماعة الأقران (الرفاق) وهم مجموعة من الناس يعيشون على نفس المستوى في حقبة زمنية واحدة، كما أن أن مُسمَّى الأقران لا ينطبق على الأصدقاء فقط بل يشمل كُل من الأفراد في الدولة والدين والسن والحقبة الزمنية التي تربطبهم مع بعضهم البعض، و يتم التعرض في هذا المقال لإمكانية تأثر جماعة الأقران في السودان بوسائل التواصل الاجتماعي.
لعرض تلك التأثيرات اعتمد المقال بالإضافة إلي عدد من الدرسات الأخري علي دراسة أكاديمية للدكتور ماجد محمد الزيودي تحت عنوان: ” تطور جماعة الرفاق في المجتمعات العربية المعاصرة ودلالاتها التربوية:رؤية معاصرة”، تم إسقاط بعض مخرجات هذه الدراسة علي مؤسسة الأقران في السودان الذي توقع فيه المجلس القومي للسكان (تقرير نشر بالخرطوم في 10 يونيو 2021) أن يصل تعداد السكان إلي 62 مليون نسمة، بحلول عام 2035، من بينهم نحو 37 مليون من الفئة العمرية (15 – 30) سنة. كما إن الإحصاءات السكانية بالسودان -حسب تقديرات عام 2020- تشير الي أن عدد السكان في البلاد بلغ في عام 2021م (44.4) مليون نسمة، ويُتوقع أن يصل عددهم إلى 50 مليون في عام 2025 وأن يرتفع العدد إلى (57.7) مليون نسمة بحلول عام 2030.
مع ازدياد عدد السكان في السودان و تسارع التطور التقني، فإنه من المتوقع أن يكون أيضا لوسائل التواصل الاجتماعي تأثيرا تبعا لذلك التطور وبالتالي سيصبح تأثيرها أكبر علي جماعة الأقران (الرفاق) في السودان مما يستوجب أن تنتبه الجهات المختصة و كل أصحاب المصلحة في المجتمع لضرورة استشراف المستقبل لكيفية التعامل مع ما يُستجد من تغيرات اجتماعية علي الفئات العمرية التي ستكون عرضة لتأثير تلك الوسائل خاصة جماعة الأقران التي تنشط وسط الفئات العمرية الفتية في السودان.
وفقا لعدد من الإحصائيات المنشورة إن السكان في السودان يقسمون إلي عدة فئات عمرية علي النحو التالي:
-فئة الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة: تبلغ نسبتهم حوالي 42.01 % من مجموع عدد السكان (مما يعني أن غالبية المجتمع السوداني فتي).
-الفئة العمرية من 15 – 24 سنة: تبلغ نسبتهم 20.9%.
-الفئة العمرية من 25 – 54 سنة: تبلغ نسبتهم29.89%.
-الفئة العمرية من 55 – 64 سنة: تبلغ نسبتهم 4.13%.
-الفئة العمرية من 65 سنة فما فوق: نسبتهم حوالي 3.03 %
يستشف من تلك الإحصائيات أن السودان دولة فتية و معظم الفئة العمرية فيه -من منظور نظرية الأجيال- يُطلق عليها جيل الألفية (25-40 سنة) و جيل ما بعد الألفية (6-24 سنة)، و وفقا للدراسات المختصة (نُشر أحدها في جريدة الخليج عام 2021م) أن السمة الغالبة علي جيل الألفية بصورة عامة من ناحية وسائل التواصل الاجتماعي أنه يتعامل مع الأجهزة المحمولة ويستخدم 32% منه الكمبيوتر في عمليات الشراء كما أنه ينشط في استخدام وسائل تواصل اجتماعي متعددة منها تويتر وفيسبوك، أما جيل ما بعد الألفية فقد نشأ العديد منهم وهم يلعبون بهواتف آبائهم المحمولة أو الأجهزة اللوحية، و نشأ هذا الجيل في عالم شديد الترابط بين الإنسان والتكنولوجيا ويحصل علي الأخبار من الفيسبوك والتويتر بنسبة 80% وأن الهاتف الذكي هو وسيلة التواصل المفضلة لديهم ويقضون في المتوسط 3 ساعات يوميا علي أجهزتهم المحمولة، تجدر الإشارة إلي أن هذه السمات هي الغالبة علي الجيلين و لكنه ليس بالضرورة أن تنطبق كلها علي كل أجزاء السودان أو علي كلا الجيلين ما لم تتوفر دراسة ميدانية موثقة علي ذلك.
طالما أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من سمات الجيلين المذكورين ولها ـتأثير عليهما، فحريا بنا أيضا التعرض لاستخدام الانترنت في السودان لتتضح الصورة المتوقعة لذلك التأثير ، وفي هذا الصدد تشير الإحصائيات إلي أن عدد مستخدمي الانترنت في السودان بلغ في يناير 2022 (14,3) مليون نسمة أي حوال نسبة 30.9% من السكان كما بلغ عدد الذين يستخدمون الموبايل للاتصال في عام 2022 (35,76) مليون نسمة اي نسبة 78,7% من سكان السودان.
بناء علي الإحصائيات أعلاه، فهنالك توقع كبير بأن تتأثر جماعة الأقران في السودان بوسائل التواصل الاجتماعي لذلك أري ثمة ضرورة ملحة للإهتمام بدراسة التغيرات المختلفة التي تمر بها مؤسسة الأقران (الرفاق) في السودان خاصة في ظل ارتفاع نسبة الوصول إلي الإنترنت وبالتالي التوسع في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي. دراسة هذه التغيرات يساعد في وضع سياسات للتنشئة الاجتماعية و النظر في التعاطي مع مشاكل الشباب الذين متوقع أن تكون نسبة كبيرة منهم من الفئة العمرية (15 – 30 سنة) حوالي (37) مليون نسمة خلال 13 عاما من عام 2022م مع العلم أن الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة بلغت نسبتهم في عام 2021 حوالي 42.01 % من إجمالي سكان السودان(www.populati
onpyra mid.net/ar/)
يتواصل……