بخاري بشير
ظلت امدرمان وستظل قيمة معنوية ووطنية عالية، لا يفهمها الجنجويد القادمين من صحراء افريقيا.. امدرمان عبق التاريخ، وبقعة المهدي، وبوتقة الوطنية، وعاصمة النضال، وعطر الحقيبة، وتمازج أهل السودان كافة.. ستظل امدرمان رمزا تاريخيا وأبيا على الغزاة، بكل احيائها العريقة (الموردة- بانت- العباسية- المهندسين- العودة- الفتيحاب- ابو سعد- المربعات- صالحة- الهاشماب- حي البوستة- حي السوق- ودارو- ودالبنا- ودنوباوي- الملازمين- بيت المال- الركابية- مكي- العمدة- المسالمة- العرضة شمال وجنوب – حي العرب- الثورات جميعها- وامبدات بلا استثناء).. وستظل امدرمان سفر وطني مشع مسطر بايدي أبنائها وأبناء الوطن الشرفاء.
فرحة عميقة، وزغاريد شقت عنان السماء، بعد أن التقى جيش كرري، بطلائع المهندسين، فرحة لان امدرمان تطهرت من رجس المليشيا، بعرق الرجال وصمود الابطال.. لا يستطيع أي قلم أن يعبر أو يوفي صمود فرسان المهندسين الذي امتد لعشرة شهور كاملة، لم تتوقف أصابعهم عن ملازمة الزناد، وانهمار الرصاص ، لا يتوقف، بل يتزايد في أحايين كثيرة كما الأمطار.. عشرة شهور وتكسر أمدرمان درع التمرد المدعوم، والمسنود من دول عديدة بالرجال والسلاح والمال.. ولكن نسي هذا الدعم أن أبطال القوات المسلحة رضعوا من ثدي الوطنية وتشربوا في عرين الأبطال، لذلك لن يسلموا ارض امدرمان لعدو، وسيدافعون عنها حتى الموت، وان استشهدوا فسيقاتلون كالنخيل واقفين لا تهزم رياح التمرد العاتية، بل إن فرسان امدرمان وقفوا سدا منيعا أمام أطماع آل دقلو وأحلامهم بتأسيس دولة العطاوة_ ولم يدرك مرتزقة دقلو أن أبطال أمدرمان، وأسودها لهم بالمرصاد، قالت امدرمان أنه لن تسقط راية الوطنية في سمائها، فهي مدينة بكر وذات رحم خصب ولود، في كل يوم تلد فارسا، وفي كل ساعة تنجب مناضلا.
صور بديعة من البسالة والصود والتحدي، رسمها أبطال القوات المسلحة، وهيئة العمليات والشرطة والمستنفرين من الشباب الغض الذي تركوا الدنيا ولعاعها، وجاؤوا يسابقون بعضهم إلى الشهادة والموت والفداء.. لوحة وطنية غالية رسمها هؤلاء الجنود بدمائهم، ولذلك استحقوا وسام البطولة والوطنية، باهدائهم قوس النصر لكل أهل السودان.
علت الزغاريد في كل بيوت امدرمان، وخرج شيبها وشبابها، ونسائها وأطفالها وهم يحتفلون بطعم الانتصار وخالطتهم القيادة في هذا الفرح بمجئ فارس الجيش وقائده، برفقة زملائه.. فرح أهل امدرمان مع قيادة كرري وقيادة المهندسين كمن لم يفرح من قبل.. وانتقلت الفرحة بسرعة ارسال الاخبار والصور في فضاء السايبر العريض، فضجت المدن والاحياء السودانية في شتى الولايات بالفرح _ فرحت كسلا، وسنار، والقضارف، والدمازين وكادقلي، والدلنج ، والكرمك، وبورتسودان، وحلفا، والفاو) – زغردت دنقلا، وعطبرة وشندي والفاشر، وفرحت مدن أخرى كمدني ونيالا وزالنجي والضعين، لكنها لم تطلق لفرحها العنان_ فرح السودانيين الاحرار في بلاد المهاجر واللجوء، وزغردت نساء السودان، في مدن مصر، والسعودية واثيوبيا، ويوغندا وتشاد وكينيا، وضجت محافل السودانيين في اوروبا، وامريكا وبقية دول العالم، فقد عادت امدرمان، حسناء تجمل جسدها وجسدها بلآلئ الانتصار.