صدق قومي حين قالوا (السودان ليس كبقية الدول وتجارب جيشه نسخ تختلف تماماً عن جيوش الآخرين ) يعيش المُخطط والمدبر لهذه الحرب حالة من الذهول غير الطبيعي من هول ما رأى. حيث أصيب مخططه الخبيث بمآلات ونتائج على غير ما كان يرجوه. وما منيت به المليشيا المتمردة ورعاتها بالداخل والخارج من نتائج كارثية سيحار أمامه الإستراتيجيون والخبراء العسكريون والمحللون وسيحتاجون إلي زمن طويل ليشرحوا ويؤلفوا وينظروا عن الذي حدث عسكريا في العاصمة السودانية الخرطوم، لأن ما حدث فوق التصور وفوق الخطط العسكرية وفوق الأكاديميات وفوق كل ما يخطر على قلب إنسان لاسيما إن كان ملما بعلوم العسكرية أو طرفا منها. إن لدى أخينا ورفيق السلاح العقيد (م) د. فتح الرحمن الجعلي ملاحظة أعدها جديرة بالوقوف عندها حيث قال ( إن العالم لم ير خيمة واحدة للاجئ في بلادنا رغم ظروف الحرب الضروس، إنها حرب فيها دماء وإشلاء وأموات لكنها بلا معسكرات لجؤ ) ويضيف د. فتح الرحمن أن بعض أهله من عادو إلي قريتهم قوز المطرق أو (قوز العلم) وسكنوا في أمن وآمان في منزل جدهم … لم يستأجروا بيتاً ولم يعيشوا شظفاً أو حاجة وإنما إحتضنهم أهلهم في عيشة هنية وتلاحم وتراحم معهود عند السودانيين لكنه عجيب ثم يسأل : (أرني في أي دول العالم يمكن أن يواسي الناس بعضهم بعضاً بهذا الأخاء وطيب النفس والتكافل فضلاً عن القوافل وتقديم الطعام للمسافرين وللقوات المسلحة ) .
الحرب أيضاً إختبار لمعرفة معدن المجتمع ومثلما حكي الأخ فتح الرحمن حدث في كل أنحاء السودان في الجزيرة وكردفان ودارفور والنيل الأزرق والشمالية والبحر الأحمر وكل الولايات السودان … الخرطوم عصية … وجيش بلادنا صخرة تتحطم عندها كل أحلام البغاة الظلمة والتجربة لا بد بعدها من عبر وعظات … عبر تقول أنه ينبغي ويجب أن لا نسمح بعد اليوم لأي قطعة سلاح وإن كانت صغيرة خارج السيطرة .. سيطرة وقيادة القوات النظامية لا بد أن نضبط بآلية محكمة ، وضعية الأجانب ووجودهم في كل السودن أكتوينا من الطيبة الزائدة والعفوية المضرة …الضيوف علي رأسنا ولكن لا بد من تنظيم وضبط وجود الأجانب .
النقطة الأخيرة هي أن التجربة أثبتت أن مصير السودان يحدده السودانيون وأن كل محاولات القفز بالزانتين لم ولن تجدي ومهما أختلف الناس في أسباب أشتعال الحرب الحالية إلا أن السبب الأساس وراءها هو محاولة فئة إملاء واقع محدد علي السودانيين بالقوة … الصلابة التي برزت في تلاحم الشعب مع القوات المسلحة تثبت إستحالة القفز بالزانتين وتثبت أيضاً إستحالة فرض أي قوة أرادتها وأجندتها علي الشعب السوداني وأن أعطيت ملء الأرض سلاحاً وذهباً ودعماً. وحفظ الله السودان أرضا وشعبا وقيما يندر وجودها بين الشعوب