د. إبراهيم الصديق علي
(1)
أمس ظهر بعض قادة وجنود مليشيا الدعم السريع فى مصفاة الجيلى بالخرطوم بحري وبين ايديهم صاروخ أمريكي مضاد للدروع من نوع جافلين ، وهو سلاح القوات الخاصة الامريكية ، فكيف وصل اليهم ؟
قبل ان نتوسع فى سرد هذه الواقعة نقف عند نقاط مهمة:
- أولا : السلاح من مظهره يبدو جديدا ، ومع أن هذا النوع من الصواريخ الأمريكية المضادة للدروع ظهر مع بداية الحرب بأيدي المليشيا ، إلا أن الصور توضح أن هذه صواريخ خرجت للتو من صناديقها ؟ فكيف وصلت اليهم دون علم ومعرفة الولايات المتحدة الأمريكية ؟..
-وثانيا: و هذا السلاح ظهر فى منشأة مدنية ، بل هى منشأة إستراتيجية ، هى مصفاة الجيلى ، ومحطة مهمة فى مجال الخدمات ، وليست منطقة عسكرية ، والاختباء فيها جريمة ، والولايات المتحدة الأمريكية تتحمل ما ينتج عن ذلك من خسائر مادية كبيرة ومن ضيق فى حياة المواطنين السودانيين ، رغم أن اتفاق جدة 11 مايو 2023م يشير بوضوح إخلاء الأعيان المدنية ، وخلال عام كامل ظلت المليشيا تتخذ من هذه المنشاة الحيوية معسكرا للسلاح ومنصة لإطلاق الصواريخ.. - وثالثا: هذا سلاح محظور على السودان ضمن العقوبات الامريكية ولا يمكن القول انه ضمن تسليح المليشيا فى السابق ، ومع ظهوره بعد أشهر من بداية ، إلا أن الوكالات الاستخباراتية الامريكية لم تشر إليه فى تقاربرها ولم تتناوله فى سردياتها مع انه عنصر فاعل فى تأجيج الحرب..
-ورابعا: هذا السلاح يستخدم الآن بكثافة فى هجوم المليشيا على مدينة الفاشر ، وجلسة مجلس الأمن الدولي الأخيرة عن السودان (19 ابريل 2024م) ركزت على الداعمين بالسلاح دون الإشارة الى (من أين وكيف يأتى السلاح ) ، وتلك نقطة مهمة لابد من التركيز عليها..
(2)
فى الاسبوع الأول للحرب نشر الجيش السودانى مقطع فيديو من معسكر سركاب ومن مخازن الأسلحة المكدسة بجبره وظهرت فيها صناديق قذائف الإنزال الجوي الحرارية 120 ملم مع علامات تشير إلى أنها صنعت في صربيا في عام 2020 م و مضادات الطائرات Twin ZU-23 عيار 23 ملم وZSU-23-4 واشارت التقارير إلى انواع مختلفة من أسلحة النخبة البريطانية ، وكلها تشير إلى تورط جهات إقليمية بدعم المليشيا ، واغلبها من الإمارات العربية المتحدة ، ومع ذلك لم تتحرك الدول الغربية لإيقاف هذا السيل من الأسلحة والذخائر للمليشيا وآخرها صاروخ جافلين المضاد للدروع
(3)
كيف حصلت المليشيا على الصواريخ الأمريكية ؟ ومن دفع الثمن ؟
جافلين صاروخ أمريكي محمول على الكتف وزنه لا يتجاوز 11 كج ، و منصة الإطلاق زنة 6 كج ، مضاد للدروع وخاصة الدبابات وطائرات الهليكوبتر ذات التحليق المنخفض..
ودخل الخدمة منذ العام 1996م ، وشوهد مع المليشيا منذ بداية الحرب ابريل 2023م.. وسبق الإشارة لاسلحة بريطانية كذلك وصلت للمليشيا..
وهذا النوع من السلاح يتطلب تصديقا خاصا وموافقة المشرعين قبل البيع ، سؤال كيف وصل للمليشيا ؟ ومن مدهم به وهو لا يستخدم فى السودان ؟ ومن دفع الثمن ، علما بان الصاروخ الواحد يكلف أكثر من 240 ألف دولار..
الولايات المتحدة الأمريكية تغض الطرف عن هذه الحقائق وكذلك بريطانيا وهما يتحدثان عن الحرب واستمرارها بالرغم من معرفتهما بتورط أطراف دولية وإقليمية فى هذه الجريمة..
منظمات المجتمع وجماعات الضغط وقادة الراي العام عليهم فضح هذه المواقف وكشف الزيف ..
فى اواخر سبتمبر من العام 2023م فُرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على شركة (جي.إس.كيه أدفانس)، و قالت وزارة الخزانة إنها استُخدمت وسيلة مشتريات لقوات الدعم السريع.
وقالت وزارة الخزانة إن هذه الشركة كانت تنسق مع شركة الإمدادات العسكرية أفياتريد ومقرها روسيا، ، لترتيب شراء قطع الغيار والإمدادات للطائرات المسيرة التي سبق أن اشترتها قوات الدعم السريع، بالإضافة إلى أعمال التدريب ، لكن الولايات المتحدة الأمريكية صمتت تماما عن السلاح الأمريكي بايدى المليشيا وكذلك عن الجهات المساهمة فى وصوله للسودان..
على مؤسساتنا العدلية والمنظمات وعلى وزارة الخارجية ومؤسساتنا الاعلامية وقادة الراي عدم إغفال هذا الجانب ، امريكا مساهم فى قتلنا وتشريدنا وتدمير بنياتنا التحتية..
21 ابريل 2024م