
البرهان: لا تهدئة ولا هدنة يمكن أن تتم إلا تحت شروطنا، وشروطنا للسلام واضحة.
نشكر ولي عهد المملكة العربية السعودية، الأمير محمد بن سلمان، على جهوده، ونبني على مبادرته آمالًا كبيرة.
الرباعية موؤودة، وهي محل شك طالما أن دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تدعم المتمردين، جزء منها.
مسعد بوليس غير محايد، ويتبنى رؤية المتمردين والقوى السياسية الداعمة لهم، من تأسيس وصمود، في كل الأوراق المقدمة للوساطة.
السلام في السودان لن يتحقق إلا بعد أن تضع مليشيات الدعم السريع السلاح، ويخرجوا من جميع المدن إلى معسكرات يتم تحديدها.
سيطرة الإسلاميين على الجيش مجرد فزاعة يتم استخدامها إعلاميًّا، وإذا كان هنالك إسلاميون، فورونا ليهم.
في خطابٍ تنويريٍّ حاسم، ألقاه رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أمام ضباط الجيش من رتبة لواء فما فوق، تجلت ملامح مرحلة جديدة من الصراحة السياسية والحسم العسكري، حيث وضع البرهان النقاط على الحروف، مفندًا الشائعات، ومؤكدًا على ثوابت الدولة السودانية في معركتها المصيرية ضد التمرد.
تحدث البرهان بلغة واضحة لا تحتمل التأويل، مؤكدًا أن لا تهدئة ولا هدنة يمكن أن تتم إلا وفق شروط الدولة السودانية، وأن الطريق إلى السلام مرسوم بدقة، لا يقبل الالتفاف ولا المساومة. هذا الوضوح في الموقف يعكس إدراك القيادة لحجم التحديات، ورفضها القاطع لأي حلول رمادية تُبقي على المليشيات كقوة موازية أو تُعيد إنتاج الأزمة.
وفي لفتة دبلوماسية ذات دلالة، عبّر البرهان عن شكره لولي عهد المملكة العربية السعودية، الأمير محمد بن سلمان، مشيدًا بجهوده في دعم السودان، ومؤكدًا أن مبادرته تمثل بارقة أمل يُبنى عليها الكثير. هذا الامتنان لم يكن مجرد مجاملة، بل إشارة إلى أن السودان لا يرفض الوساطات، بل يرحب بها حين تنطلق من احترام سيادته وتفهم تعقيدات واقعه.
في المقابل، لم يُخفِ البرهان شكوكه تجاه الآلية الرباعية، معتبرًا أنها “موؤودة” طالما أن دولة الإمارات، التي تدعم المتمردين، هي جزء منها. هذا الموقف يعكس قلقًا مشروعًا من انحياز بعض الأطراف الإقليمية، ويضع علامات استفهام حول حيادية بعض الوسطاء.
ولم يسلم المبعوث الأممي، مسعد بوليس، من النقد، حيث وصفه البرهان بأنه غير محايد، ويتبنى رؤية المتمردين والقوى السياسية الداعمة لهم، وهو ما يتجلى في كل الأوراق التي قدمها للوساطة. هذا الاتهام يسلط الضوء على أزمة الثقة المتفاقمة بين الحكومة السودانية وبعض الأطراف الدولية، ويعكس إصرار القيادة على أن تكون أي تسوية نابعة من الداخل، لا مفروضة من الخارج.
شدد البرهان على أن السلام في السودان لن يتحقق إلا بعد أن تضع مليشيات الدعم السريع سلاحها، وتنسحب من جميع المدن إلى معسكرات يتم تحديدها. هذا الشرط ليس تعجيزيًّا، بل هو الحد الأدنى لأي عملية سلام حقيقية، تضمن وحدة الدولة وهيبة مؤسساتها.
وفي رده على الاتهامات المتكررة بسيطرة الإسلاميين على الجيش، قال البرهان ساخرًا: “إذا كان هنالك إسلاميون، ورونا ليهم”. هذه العبارة المختصرة كانت كافية لتفنيد مزاعم تُستخدم كفزاعة إعلامية، هدفها تشويه صورة الجيش وتبرير التمرد.
كما نفى الخطاب بشكل قاطع وجود أي مفاوضات سرية لإيقاف الحرب، مؤكدًا أن ما يُتداول في الإعلام ليس سوى فقاعات تهدف إلى التأثير على الرأي العام. هذا النفي يقطع الطريق أمام محاولات التشويش، ويؤكد أن القيادة العسكرية لا تتعامل إلا بشفافية مع شعبها.
بهذا الخطاب، يكون البرهان قد رسم معالم المرحلة المقبلة بوضوح: لا مساومة على السيادة، لا تفاوض مع السلاح، ولا سلام دون شروط تحفظ كرامة الدولة. إنها رسالة إلى الداخل والخارج، مفادها أن السودان لن يُدار من الخارج، ولن يُحكم إلا بإرادة أبنائه.
محمد الحاج
٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤م




