
التقرير وليس (الحوار) الذي نشره الزميل خالد عزيز مراسل رويترز بالسودان ، عن المستقبل السياسي للاسلاميين في السودان ، ومحوره الأساسي حوار مع مولانا احمد هارون رئيس حزب المؤتمر الوطني المفوض ، هذا المنشور أثار جدلاً مهماً ، بغض النظر عن طريقة العرض والمعالجة ، فهذه وجهة نظر ومنطلقات المراسل وفريق التغطية ، فإن ثمة ما يستحق الإشارة إليه والتوقف عنده ، وقبل ذلك لابد من توضيحات:
- اولاً: الحوار مع مولانا احمد ووفق ما ورد في التقرير تم في ابريل (نيسان ) 2025م ، أى قبل أكثر من ثلاثة أشهر ، وبالتالي لا يمكن ربطه بسياقات ما يجري الآن من أحاديث عن (اجتماعات الرباعية أو الموقف من حكومة الدكتور كامل ادريس أو تقدم الجيش العسكري ) ، ولكن هو في حقيقة الأمر موقف ثابت ومنطلقات كلية تمثل رؤية هذا التيار ومنظوره ، وما اثبته الحوار أن قناعات التيار الاسلامي والوطني لا ترتهن بمتغيرات السياسية وتحولاتها الآنية وإنما رهينة بالمصالح العليا للبلاد والعباد ..
- والنقطة الثانية الجديرة بالتوضيح ، أو بالأحرى ما أرجحه ، أن حديث مولانا احمد هارون جاء على خلفية رؤية الحزب التى طرحها في 18 فبراير 2025م تحت شعار: أجندة المستقبل والراهن السياسي ، ومن خلال تلك الرؤية طرح الحزب رسالته ودعوته بوضوح ، وكانت اجابات مولانا هارون متسقة مع تلك الرؤية في كل تفاصيلها وحتى تعبيراتها الدقيقة ، ومن ذلك موقفه من دور الجيش في المرحلة الانتقالية..
وبشكل عام فإن افادات مولانا هارون ، والنقاشات وردود الافعال حولها تشير إلى حقائق مهمة ،
اولها: فاعلية وتأثير التيار الاسلامي والوطني في السودان ، وقوة ارتباطه بالراى الشعبي العام واقترابه منه ، بل وانسجامه معه ، لدرجة يستحيل معها تخطيه في أى معادلة سياسية أو خارطة طريق ، وارتباط كل ذلك بالمصلحة الوطنية العامة..
فقد نشأ هذا التيار مرتبطاً بالقيم الثقافية والوطنية ولصيقاً بها ومعبراً عنها ، فهو امتداد لها وهى قاعدة له ، ولهذا هو محط نظر غالب الأجندة التى تستهدف إختطاف الوطن ورهن ارادته ، فغالباً يكون هذا التيار حائط صد مدافعاً عن الوطن ، وعن خيارات الشعب ، فهو فصيل فاعل ومتفاعل مع كل ما يعني ويرتبط بشعبه ووطنه..
وثانيهما: أهمية وجود خارطة طريق أو قاعدة انطلاق للرجوع اليها أو النقاش حولها من التيار الاسلامي والوطني ، فالكثير من التلفيقات الآن لديها افتراضات ساذجة عن مواقف الاسلاميين ، وتبنى عليها تخميناتها دون تدقيق ، فمن الأوفق للتيار الاسلامي والوطني تطوير رؤاه والتوافق حولها وتقديمها كوثيقة للنقاش ، فهذا أكثر فائدة للتعريف بهم وأكثر فائدة للمشهد السياسي بتقديم رؤية متكاملة ومتوافق عليها وتعبر عن نبض الشارع والقاعدة الشعبية..
وتشكيل فريق عمل فاعل ، إن الحديث مع الآخر يتطلب الخروج للعلن والإجهار بالرأي والإشهار بالموقف ، لا يكفي الحديث من خلال الرسائل الاعلامية ، بل يعتبر النقاش المباشر والوفود والتحركات الشعبية أكثر أهمية ودلالة وفي ظرف دقيق ، نحن بحاجة إلى فريق عمل فاعل ومؤثر ومدرك للمخاطر والتحديات..
وثالث الخلاصات المهمة: أن التدخلات الأجنبية في بلادنا اصبحت ذات صدي كبير وتأثير عميق ، وسعى البعض إلى تعظيم الاستعانة بها وتوظيفها في المعارك الداخلية وفرض خيارات على البلاد والعباد ، وتتكاثر مع كل تحركات أممية أو اجتماعات دولية واقليمية سلسلة من الاحاديث المطلقة والروايات الملفقة للتحريض وممارسة الضغوط على اطراف داخلية وخارجية ، وهذا ما يحدث هذه الأيام ، مع سلسلة من منشورات وتقارير مفارقة للحقيقة ، وصادرة عن غرف محددة ، وهى لا تقتضى مجرد الإنتباه ، وإنما وضع رؤية متبصرة تتجاوز حالة الردود إلى تقديم الصورة الحقيقية والرسالة الأوفق..
حفظ الله البلاد والعباد
ابراهيم الصديق علي
26 يوليو 2025م