احتياجات مصر الغذائية فرصة للتكامل الاقتصادي مع السودان – مشاركتي في “صحاري” الدولي ..



تستورد مصر سلع غذائية رئيسية من الخارج بمبالغ هائلة.
الحرب الروسية الأوكرانية تسببت في ارتفاع قيمة مستوردات مصر.
توجد فرصة مواتية لسد احتياجات مصر الغذائية من السودان.

من خلال معرض ومؤتمر صحارى الدولي المقام بأرض المعارض بالقاهرة خلال الفترة من 14-16 سبتمبر الجاري أتيح لي تقديم عرض أشرت فيه لإمكانية توفير احتياجات مصر من المواد الغذائية الرئيسية من السودان.
أشرت في العرض الى أن جملة واردات مصر من الحبوب الغذائية فقط بلغت نحو 8.56 مليار دولار في 2024، تشمل القمح بنحو 4.35 مليار دولار، وفول الصويا بنحو 1.98 مليار دولار، والذرة الشامية بنحو 2.23 مليار دولار.
وتشمل السلع الغذائية المستوردة أيضًا اللحوم والأسماك، والسكر الخام، وتتنوع الدول التي تستورد منها مصر هذه المواد، وأهمها البرازيل وروسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة.
وفيما يتعلق باستهلاك مصر من تلك السلع فقد بلغاستهلاك مصر من القمح حتى أكتوبر 2023 حوالي 20.6 مليون طن ، وبلغ استهلاك مصر من الأرز 4.1 ملايين طن ، ومن الحبوب الخشنة حوالي 16.1 مليون طن ، ومن الذرةالشامية 15.2 مليون طن، خلال نفس الفترة.
هذه الأرقام الهائلة جعلت مصر تخطط لتوسيع الرقعة الزراعية فيها من جهة، ولزيادة انتاج هذه الرقعة من خلال البحث العلمي. التحدي الذي يواجه مصر هو محدودية الأراضي التي يمكن التوسع فيها، وارتفاع تكلفة استصلاح الأراضي في المناطق الصحراوية بعيداً عن حوض النيل. وعلى هذا تبقى التكلفة الاقتصادية مرتفعة على الرغم من التقدم الهائل في البحث العلمي في مصر الذي أدى لرفع الإنتاجية في مختلف المحاصيل لمستوى قياسي.




أشرت من خلال العرض الذي قدمته إلى أن السودان يملك فرصة مواتية لتغطية احتياجات مصر من القمح وفول الصويا وزهرة الشمس وسلع أخرى وذلك من خلال الزراعة في مناطق التروس العليا بولايتي نهر النيل والشمالية في مساحات تتجاوز 4 ملايين فدان تروى من الحوض النوبي الجوفي باستخدام تقانات الري المحوري والطاقة الشمسيةوتوظيف الذكاء الاصطناعي، وهي تقانات شاهدنا في معرض صحارى هذا العام أنها بلغت شأواً بعيداً ومتقدماً للغاية.
أشرت في العرض الذي قدمته إلى أن التروس العليا في السودان تمتاز بتربتها الطينية الرملية الخفيفة إلى المتوسطة، جيدة التهوية والتصريف، لكنها غالبًا ما تعاني من نقص المادة العضوية، وتحتاج إلى إدارة زراعية جيدة.
وفيما يلي الري أشرت إلى أن الحوض النوبي يُعد منأضخم الخزانات الجوفية في العالم، ويغطي أجزاء واسعةمن ولايتي الشمالية ونهر النيل، وأن المياه فيه عذبة وعميقةنسبيًا، مع قدرة ضخ عالية، ما يجعلها مصدرًا موثوقًاللزراعة المستقرة. كما أشرت الى أن الإشعاع الشمسي عالٍ جدًا في هذه المنطقة (تجاوز 6.5 kWh/m² يوميًا)، ما يجعلها مثالية لاستعمال الطاقة الشمسية في ضخ المياهطول العام. ويمكن استخدام أنظمة ضخ شمسية بدون بطاريات في أنظمة الري النهاري (drip/sprinkler)، مما يقلل الكلفة التشغيلية. وتُفضل نظم الري بالتنقيط أو الرش المحوري لرفع كفاءة استخدام الماء في هذه البيئة القاحلةعالية التبخر.
أشرت في العرض الى أن المحاصيل النقدية والتصديرية التي يمكن زراعتها في التروس العليا تشمل:القمح، البرسيم الحجازي (alfalfa)، السمسم، القطن طويل التيلة، فول الصويا، وزهرة الشمس، وكلها محاصيل تحتاجها مصر بشدة.
أشرت كذلك لإمكانية إنشاء صناعات زراعية وحيوانية مصاحبة للنشاط الزراعي تستفيد من التقنية والتطور الصناعي في مصر وتحقق قيمة مضافة لهذه المشاريع، وتوجه صادرات التصنيع الزراعي المصاحب لهذه المشاريع لسوق الكوميسا (586 مليون نسمة) وسوق المنطقة الحرة العربية الكبرى (485 مليون نسمة).




قد يكون من المناسب أن تضع القيادة العليا في البلدين السودان ومصر مسألة التكامل الزراعي بين القطرين فيأعلى قائمة أولوياتها، لأنه يحقق هدف التنمية الاقتصادية وتحقيق الأمن الغذائي للقطرين. والله الموفق.