الرأي

إعمار السودان

بقلم : خالد محمد علي *

يجتمع السبت القادم عدد من كبار المفكرين، ورجال الأعمال من مصر والسودان لبحث كيفية إعادة إعمار السودان الذي مزقته الحرب، والمؤتمر مصري-سوداني مشترك، وهو محاولة لعمل موحد بين البلدين لإزالة آثار الجريمة الكبرى التي اقترفها الدعم السريع بحق السودان، وتعددت جرائم الدعم بقيادة محمد حمدان دوقلو الملقب بحمدتي، والذي ارتكب جرائم لم تخطر ببال أحد حيث تعمد تدمير المؤسسات العسكرية والمدنية والخدمية حيث دُمرت مستشفيات ومدارس وجامعات وطرق الخرطوم ومطارها ومعظم محطات الكهرباء والمياه والصرف، وأصبحتِ العاصمة المثلثة التي بناها السودانيون بدمهم من عشرات السنين بيوتًا من خراب على أيدي التمرد الذي لا يعرف أحد حتى الآن لماذا قام بكل هذا التدمير، وهو يعلن ليلاً ونهارًا أن معركته مع الجيش السوداني وليست مع الشعب!!.

والمؤتمر سيُعقد تحت رعاية وزارتَي الصناعة والتجارة المصرية والسودانية بمشاركة مراكز بحثية نجحت في رصد آلاف المنشآت والمباني والخدمات في الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان وولاية الجزيرة وولايات الخرطوم الخمسة جنوب كوردفان وأجزاء من ولاية سونار، ولم يقتصرِ الخراب الذي قامت به تلك الميليشيا على ولاية من ولايات السودان حتى وصل إلى أقصى شمال السودان في مدينة مروي القريبة من الحدود المصرية.

وهناك تقديرات كثيرة تتجاوز المئة مليار دولار لإعادة بناء السودان من جديد، وهي أموال لا يمكن توفيرها دون مشاركة عربية وإسلامية فاعلة ومشاركة الدول الكبرى والمنظمات الدولية الفاعلة في هذا الشأن. والحديث عن إعادة إعمار السودان في الوقت الحالي هو حديث مبكر، واستباقي للكوارث المحتملة عند عودة الشعب السوداني إلى بلاده ومدنه وأريافه حيث الصدمة والذهول من هول ما ارتكبه التمرد في حق البلاد من تدمير خاصة وأن العائدين من دول كمصر ودول الخليج قد شاهدوا، وتعايشوا مع الاستقرار والأمن واستمتعوا بالخدمات المختلفة من صحة وتعليم وكهرباء ومياه نظيفة وطرق معبَّدة ووسائل نقل حديثة ومتنوعة، وبالتالي لن يقبل هؤلاء بأقل من ذلك في سودان ما بعد الحرب خاصة وأن السودان يتمتع بأكبر وأكثر الثروات في الوطن العربي بل وإفريقيا فهو مخزون الغذاء الرابع في العالم بثروة ٢٠٠ مليون فدان صالحة للزراعة، وأكثر من ١٣٠ مليون رأس من القطيع، دولة الذهب والنحاس واليورانيوم والمنجنيز وهو دولة الحدود المفتوحة على سبع دول، وهو من الدول المطلة على أهم ممر مائي عالمي في البحر الأحمر، وكل تلك الثروات إذا ما تم استغلالها بطريقة علمية يمكن أن تحول السودان إلى دولة نهضة حديثة، وتساهم في اكتفاء الوطن العربي كله من القمح والغذاء.
كما يقولون ربما ضارة نافعة فقد سكت العرب وامتنعوا عن تقديم المساعدة للسودان منذ استقراره في يناير ١٩٥٦ وظلت البلاد كنزًا تحت الأرض لا يستفيد منه شعبه، أو الشعوب المجاورة، وربما جاء اليوم الذي ينتفض فيه العرب والدول الإفريقية المجاورة، ويمدوا يد المساعدة للسودان في استخراج هذا الكنز العظيم كي يعود بالنفع على كل شعب السودان، وكل دول المنطقة.

ونحن الآن أمام مفترق طرق: إما أن يكون السودان بثرواته للسودانيين ولمَن ساعد من الدول العربية والإفريقية، وإما أن ينقضَّ الاستعمار الجديد بكل تحالفه على تلك الثروات، ويحرم شعبه منها بل ويستعملهم كعبيد وعمال سخرة لاستخراج ونقل هذه الثروات إلى عواصم أوروبا كما يفعل في معظم الدول الإفريقية. والخيار الآن بات واضحًا وصريحًا لشعب السودان والشعوب العربية والإفريقية، ولا غموض اليوم في الاختيار.

  • نائب رئيس تحرير ” الأسبوع” المصرية

اترك رد

error: Content is protected !!