الرواية الأولى

نروي لتعرف

تقارير

آليات مدرعة كندية الصُنع مُنتَجة في الإمارات في أيدي ميليشيا الدعم السريع : أدوات للتطهير العرقي والإبادة جماعية في السودان

[ التقرير المفصل لصحيفة ذا غلوب أند ميل الكندية، للصحفي جيفري يورك ]

رصد وإعداد : الرواية الاولى

المقدمة:

في تحقيق صحفي استقصائي جديد، تكشفت أدلة مصورة تُظهر استخدام ميليشيا “الدعم السريع” (المعروفة سابقًا باسم “الجنجويد”) لعربات مدرعة من طراز سبارتان، تُصنَّعها شركة Streit Group التي يمتلكها رجل أعمال كندي، مع إنتاج رئيسي في الإمارات العربية المتحدة. هذه العربات ظهرت في عدة ساحات قتال بالسودان، بما في ذلك دارفور وكردفان، فضلاً عن الحصار المستمر على مدينة الفاشر، والذي يُعدّ عاملاً مساهمًا في المجاعة ومقتل آلاف المدنيين.

1. الأدلة والمشاهد الميدانية

أظهرت لقطات صور وفيديو نشرتها ميليشيا الدعم السريع نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي عربات من طراز سبارتان في مناطق شمال دارفور وغرب كردفان، وهي مناطق استهدفتها الميليشيا بحملات عنيفة ضد المدنيين. ويشير خبراء مستقلون إلى أن ملامح هذه العربات — خصوصًا نوافذها الجانبية المميزة وتصميم الهيكل الخارجي — تُطابق بصريًا طراز Streit Spartan.

كما تم رصد هذه العربات خلال الحصار الطويل الذي فرضته الميليشيا على مدينة الفاشر، حيث ارتبطت بأنشطة قصف مدفعي وضربات بالطائرات المسيّرة والممارسات التي تسببت في تفاقم المجاعة وموت المدنيين.

2. من هي شركة Streit Group؟

▪️تأسست Streit Group في كندا عام 1992، لكنها نقلت فيما بعد أغلب عمليات التصنيع إلى الإمارات العربية المتحدة، وبالتحديد مدينة رأس الخيمة، حيث تمتلك واحدة من أكبر منشآت إنتاج العربات المدرعة الخاصة في العالم.  

▪️المصنع في الإمارات قادر على إنتاج أكثر من 500 وحدة شهريًا، ويضم مرافق تصميم وتجربة متطورة، ومصنع زجاج مقاوم للرصاص بالتكامل مع عملية تصنيع الهيكل المدرع.  

▪️من بين سياراتها المدرعة الأكثر شهرة طراز Spartan 4×4 LAV، المبني على شاسيه فورد F-550، والمُعدّ لتحمّل إطلاقات نارية متوسطة، والانفجارات المتوسطة من القنابل اليدوية أو الألغام الصغيرة.     

3. ما بين التصنيع والتصدير… ثغرات الرقابة؟

يشير التحقيق إلى أن الشركة تستفيد من ما يُعرف بـ “التسوق القضائي” (jurisdiction shopping)، من خلال التصنيع في الاتحاد الإماراتي لتفادي الرقابة التصديرية الكندية أو الغربية.

وفقًا للمادة القانونية الكندية التي دخلت حيز التنفيذ منذ عام 2019، فإن أية وساطة أو تصدير لمعدات عسكرية خارج كندا من قِبل مواطنين كنديين يلزمها الحصول على تصاريح رسمية. ومع ذلك، لم تُصدّر كندا أي تصاريح تصدير أو وساطة لسلع عسكرية إلى السودان منذ ذلك التاريخ، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الكندية، مما يثير تساؤلات حول مدى التزام Streit بالقوانين أو تهربها من الرقابة.

ومع ظهور هذه العربات في مناطق النزاع، تُثار مسألة ما إذا كانت الشركة قد تجاوزت الأطر القانونية أو استخدمت الإنتاج في الخارج كوسيلة لتجنب الالتزام بالقوانين الدولية أو القوانين الكندية الخاصة بحظر السلاح أو العقوبات.

4. الدور في الصراع وأبعاد المسؤولية

وجود هذه العربات المدرعة، التي يُمكن تجهيزها برشاشات وآليات تنفيذ قتالي، في أيدي ميليشيا الدعم السريع يطرح أسئلة خطيرة بشأن دورها كأدوات قتالية فعّالة في سياق حملات العنف ضد المدنيين.

إن استخدامها في الحصار المدفعي وضربات الطائرات المسيّرة وإغلاق المدن، يجعلها جزءًا من سلسلة من الممارسات التي تُوصف اليوم بأنها تطهير عرقي وربما إبادة جماعية، لا سيما إذا ما ثبت أن هذه العربات كانت تُستخدم لتسهيل أو تمكين عمليات قتل ممنهجة، أو تقييد وصول الغذاء والدواء والإنقاذ إلى المدنيين.

من هنا، تُثار تساؤلات أخلاقية وقانونية حول مسؤولية دولة الإنتاج (الإمارات)، ودولة تصدير الملكية أو الوساطة (كندا)، وكذلك الشركة المصنعة ذاتها، تجاه استخدام هذه المعدات في انتهاكات حقوق الإنسان.

5. توصيات للنشر والمساءلة

▪️ينبغي فتح تحقيقات مستقلة ومتخصصة في مسارات التصدير والتصدير الثانوي لهذه العربات المدرعة، خصوصًا تلك التي انتهت في أيدي جهات تُتهم بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

▪️على الدول المعنية، خصوصًا كندا والإمارات، مراجعة آليات الرقابة التصديرية والوساطة الخاصة بالشركات المتعددة الجنسيات التي تنتج وتشحن معدات قتالية من دولة إلى أخرى.

▪️من المهم توسيع نطاق الحوار العام حول مسؤولية الشركات الخاصة في الصراعات المسلحة، وإمكانية تحميلها المسؤولية القانونية والأخلاقية عند تورط معدات أنتجتها في أعمال عنف على نطاق واسع ضد المدنيين

الخاتمة:

عربات Streit Spartan المدرعة، التي صُمّمت في الأصل من شركة كندية، وأُنتِجت على نطاق واسع في الإمارات، تتحوّل اليوم إلى رموز ملموسة للتداخل المعقد بين التصنيع العسكري الخاص، والرقابة الدولية الغائبة أو المتراخية، واستخدام المعدات القوية في النزاعات الداخلية، حيث تُستخدم كأدوات تمكين للعنف المنظم. وجودها في أيدي ميليشيا الدعم السريع في السودان ليس مجرد حادث عرضي، بل استثناء صارخ يدعو إلى مساءلة الجهة المنتجة والوساطة الدولية الموضوعة لضبط تدفّق الأسلحة والمعدات العسكرية.

نموذج من المدرعة „Spartan“ الكندية-الإماراتية

  • طراز Streit Spartan 4×4 LAV، المبني على شاسيه فورد F-550، يُعد من أشهر سيارات النقل المدرع الخفيفة متعددة المهام، وهو مُعدّ لحمل حتى 2 + 6 ركاب، بسرعة تصل إلى نحو 110 كم/س، ويضم حجيرات مدرعة مُصمَّمة لتحمّل إطلاقات نارية متوسطة وبعض الانفجارات المتوسطة.    
  • المظهر الخارجي النموذجي له هو هيكل مرتفع شديد التدرّج، نوافذ جانبية صغيرة بزجاج مدرع مقاوم للرصاص، وإمكانات تركيب منصة أسلحة دوارة (turret) أو مجموعة أسلحة عن بُعد، بالإضافة إلى تجهيزات دعم مثل كاميرات مراقبة ليلية، وأنظمة اتصالات ميدانية، ومعدات إخلاء وخدمات لوجستية ميدانية.  
  • المصنع الرئيسي لهذه العربات يقع في رأس الخيمة ضمن مجمع Streit Group، الذي يُعدّ من أكبر مرافق تصنيع العربات المدرعة في العالم، مما يُسهّل وصول هذه العربات إلى مناطق صراع بعيدة عن رقابة كندية مباشرة.  

اترك رد

error: Content is protected !!