اسامة عبدالماجد
¤ دون ادنى شك حرر قائد المليشيا حميدتي شهادة وفاته سياسيا، عقب محاولته الفاشلة الاستيلاء على السلطة بالقوة.. وذلك بسبب الجرائم الوحشية التي ارتكبتها قواته.. فضلا عن انتحاره عسكريا.. لكن الذي لا يمكن اغفاله انه مات في نفوس الشعب السوداني.. وبالتالي لافرق ان كان حيا او ميتا.
¤ خلافة المتمرد حميدتي اصبحت امرا واقعا، ولا مجال لعودته للمشهد.. الصراع المحموم حول خلافته ليس بالجديد.. سيشتد الان.. قيادة المليشيا قبلية بحته، بل من اسرة واحدة.. ستتجه الانظار نحو خمسة شخصيات.
¤ يتقدمها الباغي الشقي الثاني عبد الرحيم دقلو، وهو منذ فترة طويلة تمكنت منه شهوة السلطة.. وسعى لتلميع نفسه من خلال لعب ادوار سياسية اكبر منه وفشل فيها جميعا مثل اعادة حمدوك الى رئاسة الحكومة بعد اجراءات (25 اكتوبر).. كما مضى في طريق شقيقه بمحاولة خلق علاقات تواصل مع اسماء صحفية واعلامية.. وصرف في مقابل ذلك اموالا طائلة.
¤ كما حاول خلق علاقات مع رجال اعمال بمعزل عن حميدتي وشركاته.. واشترى عقارات ضخمة وغالية الثمن بدء من فيلا يقيم فيها بجوار مسجد النور بكافوري.. بجانب عمارات وفلل في احياء الرياض، المنشية والطائف بواسطة رجل اعمال شاب يعمل في قطاع حيوي.. كما سعى دقلو لخلق علاقات خارجية وظل يتردد على تركيا ، روسيا واثيوبيا، ويقال اسرائيل كذلك.
¤ لكن لجهله السياسي، وضعفه في التواصل مع الآخر ومحدودية قدراته فشل في التفوق على حميدتي.. بل ضرب مشروع تجميل صورة المليشيا في مقتل بتصريحات رعناء اضطر بعدها للانزواء.. في وقت كان حميدتي يصرف ملايين الدولارات لتبييض وجه اسرتهم.. وكانت نهاية دقلو بنشوب الحرب التي تشير طبيعة شخصيته الى تحمسه لاشعالها ربما اكثر من حميدتي نفسه.
¤ ان الظهور الباهت والانهزامي لدقلو فترة غياب حميدتي وفشله في ملء الفراغ.. وفراره لاحقا وسعيه لخروج آمن والاحتفاظ بالاموال والعقارات والثروة الطائلة.. ولا يحظى بمقبولية وسط القوات.. وهو مثل شقيقه مات في نظر اهل السودان.. كل هذة العوامل تجعل مهمته في تولي القيادة مستحيلة..
¤ المنافس لدقلو شقيقه القوني، صحيح اكثرهم تعليما في الاسرة – ان لم يكن الوحيد – وامتلك خبرة في مجال ” البزنس” من خلال اقامته في دولة الامارات الناهضة في مجال المال والاعمال.. لكن هذا ليس بالعامل القوي الذي يوهله لقيادة المليشيا.. رغم وجود تجربة ناجحة وتبدو فيها قدر من الشبة بخلافة وزير المالية د. جبريل ابراهيم لشقيقه الراحل د. خليل في قيادة حركة العدل والمساواة.
¤ لكن البون شاسع بين جبريل والقوني.. من خلال تجربة حياتية كبيرة لفارق العمر.. وتجربة عملية ثرة وتأهيل علمي رفيع – دكتوراة من الجامعات اليابانية – لجبريل ،وبتكئ على رصيد سياسي راسخ مكنه من العبور بالحركة حتى بلغت مركبها شواطئ السلام والسلطة.. يتفوق القوني على حميدتي وعبد الرحيم بانفتاحه على الاخرين.. وقد دخل في صراع مع الاخير بعد فتحه ابواب الشركات لابناء من خارج العشيرة .. باستعانته بزملاء الدراسة في ماليزيا.. مما جلب له سخط دقلو اضطر بعدها للاستقرار شبه الدائم في الامارات.
¤ ان القوني – وإن تردد انه يحمل رتبة رائد – في المليشيا الا انه بعيد من العمل العسكري والقوات وبالتالي.. تركيزه ينصب على عدم تضرر الامبراطورية المالية والعقارية الضخمة.. وهذا ماسيضعف اهتمامه بالشق العسكري… تقدمه للرئاسة يعني نهاية المليشيا عسكريا وهي تلفظ في انفاسها الاخيرة الان.
¤ الشخصية الثالثة هو شقيقهم جمعة رئيس شعبة المركبات.. يحمل رتبة عسكرية صغيرة – نقيب – انحصر كل دوره في متابعة الاسطول الاضخم الذي تمتلكه مليشيا في القارة الافريقية.. من خلال اجهزة التتبع المنصوبة في كل السيارات العسكرية والمدنية.. ومسؤول من متابعة تراخيص المركبات.. وظل يقيم بشكل شبه دائم في معسكر طيبة بالخرطوم.. حتى انه اشترى مزارع حول المعسكر واقام في احداها واسسها بشكل حديث.. لكن لا يتمتع بعلاقات وهو شخصية مغمورة.. وغير معلوم ان كان على قيد الحياة او هلك مثل آلاف من عناصر المليشيا.
¤ الشخصية الرابعة هو ابن عمهم عادل حامد دقلو.. مسؤول المشتروات بالدعم السريع ويحمل رتبة مقدم ويقال انه رقى قبل الحرب بعدة اشهر لرتبة العقيد.. هو اكثر المؤهلين لخلافة حميدتي.. الوحيد من بينهم صاحب خبرة عملية في العمل العام.. عمل وزير دولة في حقبة الانقاذ في وزارتين.. وله علاقات لا باس بها مع قيادات بالقوات النظامية.. وسياسيين ورجال اعمال.. وقويت مع الاخيرين بحكم موقعه الاداري في المليشيا رغم ان صديقه (ع) كان مسيطرا عليه.
¤ عادل موجود في الميدان لكن يرجح انه ليس من انصار الحرب التى اتجهت لها المليشيا عقب تمردها – على الاقل قبل ان تصبح واقعا – .. لكن مواجهة بمشكلة الصراع حول المال اذ ان اشقاء حميدتي لن يسمحوا له بالتقدم للقيادة.
¤ الاخير هو (عرمان المليشيا) يوسف عزت.. وهو من الطامحين لوراثة حميدتي.. اعتقادا منه ان موقعه كمستشار سياسي يؤهله لذلك.. وقد ادخل المليشيا في نفق مظلم بظهوره المخيب خلال فترة الحرب.. كما ان انتمائه للحزب الشيوعي – سابقا او حتى الان (سيان) – يحدث قطيعه نفسية بينه والكثيرين والمليشيا نفسها.. فضلا عن تحركاته المريبة تشئ باعتزامه الانقضاض على كرسي القيادة.. كما ان عدم وجود رباط اسري مباشر مع آل دقلو يجعل فرصته مستحيلة.
¤ ومهما يكن من امر.. بعيدا عن من يخلف حميدتي.. هل سيكون غدا مليشيا اسمها الدعم السريع ؟؟.