ايمن مزمل
وهم العلاقات الزوجية المثالية على مواقع التواصل الاجتماعية يمثل موضوعًا مثيرًا للتأمل، حيث تقوم تلك المواقع بتقديم صورة غير حقيقية لاخرون فيها إبراز للجانب المُشرق بين ازواج متحابون وسعداء، خلاصة تلك الصور والفيديوهات (لِم لا تعيشون الحياة مثلنا؟)، حتى إذا ما وقع خلاف وطلاق بين هؤلاء الازواج سمعنا مثل تلك الصدمة التي إجتاحت الميديا عقب إعلان إنفصال الممثلة المصرية الشهيرة وزوجها، والذان كانا يمثلان ببراعة في مواقع التواصل الاجتماعي حياة زوجية مثالية سعيدة…!!
أمنا عائشة رضي الله عنها وارضاها مرت بشيء مماثل لذلك، وحكت لزوجها مربي البشرية صلى الله عليه وسلم عن قصة (أبازرع) ، وحُبه لزوجته (أم زرع)، وكيف انه كان كريما معها، فأحترمها، ورفع من قدرها، إلا ان مجتمع المدينة قد تفاجأت في يوم من الايام بانفصال الزوجان المتحابان، و بانتهاء تلك الرابطة التي تُرى على انها مثاليه..!!
الرسول صلى الله عليه وسلم أستمع في صبر لخبر زوجته عن حديث (أم زرع) وزوجها ، ثم أنه لم يهتم بما كان بينهما من حدث، او حاول اسخلاص العبر، او إيجاد المصوغات لما آل اليه الحال، بل ذهب لتهدئة خواطر زوجته (أمنا عائشة) وهو المهم عنده، حيث قال (كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ،إِلَّا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَإِنِّي لَا أُطَلِّقُكِ)،
الميديا الخادعة هي التي أسست في الاذهان أن العلاقات الزوجية الناجحة والسعيده ماهي إلا تسكع على الشواطيء، وخروجات لمطاعم فاخرة، وسفر لمدن جميلة، وتشابك بالأيدي، وموائد مزدانة بأفخر انواع الطعام، فهي تخفي بين جنباتها الخلافات المعتادة، والنقاشات الاعتيادية، والأوقات العصيبة، وضغوطات الحياة الطبيعية، والديون والقروض، والتي لاتظهر في الصورة الجميلة والمُلتقطة ومرفوعه في وسائل التواصل الإجتماعي على الدوام، فتنسحب تلك الآثار السلبية لهذا الوهم على من لايعرف بِأن (ابعاد ومقاسات الصورة في المرآة غير حقيقية!! ) ممن يسهل خداعه (او خداعها)، حيث يؤدي إلى الشعور بالإحباط وقلة الرضا الذاتية عند عدم تحقيق تلك المعايير المتوهمه. فيعتقد الازواج حينها أن الانفصال هو الحل..!!!
دعني اهمس في ذهنك واقول لك أن الدراسات في علم النفس قد أوضحت بأن من يُبالغون في إظهار المحبة والسعادة لشيء ما او لشخص ما على الميديا قد يكون إنعكاس لمشكلة كبيرة في تلك العلاقة، فلا انت مثالي، ولا الحياة مثالية، ولا غيرك مثالي، فلتعطِ نفسك مساحة للعيش في هذه الحياة كما هي دون وهم المثالية، مع محاولة التطوير المستمر إلى الافضل.