د. إدريس ليمان
إنتزاع الضحكة وإقتناص الإبتسامة فى زمن القّبح والرداءة والشفاه الموصدة بالحزن والكآبة وزمن الجنجويد صدقة جارية لمن إستطاع إليها سبيلاً الله وهو ما وفِق إليه أستاذنا الطيب عبدالماجد فى يوميات علوب حيث إستطاع بعبقريته وبراعته أن يقدم كوميديا راقية من خلال سرده للمواقف القادرة على نثر الفرح وتفجير الضحك وليس إنتزاع الإبتسامة فحسب دون إمعان النظر فى حُمولاتها ودلالاتها ومفارقاتها لإمتلاكه عبقرية الكتابة الساخرة التى إنقادت له ، ولتلك اللغة السهلة التى تَثِبُ إلى نفس المتلقى وتضع الفكرة والطرفة والذكرى فى علاقة مباشرة معه دون تعقيد أو غموض ، فيتفاعل معها القارئ ضحكاً وإبتسام ويستلذ بالنص الساخر ( ليس على طريقة عادل إمام بالطبع ..!! )
فالطيب عبدالماجد لديه قدرة خارقة على فهم المشاعر والحالة الذهنية للناس وكشف ما يخفونه بداخلهم لأنه رجلٌ موهوبٌ حقاً ويتمتع بالذكاء والثقافة الإجتماعية الموسوعية العميقة ، ويقينى أنه تربية حبوبات وزول شفت ومـقَرَّم..!! فالسخرية التى يتمتع بها والتى تجلّت فى يوميات علوب وإستطاع أن يرصد فيها كل تناقضات الحياة والتعبير عنها وعن موقف الذات بوعىٍ وتفاعل تنم عن روحٍ جميلة عُرف بها من لدن مشوار المساء ، وإستطاع أن ينفذ من خلالها إلى يوميات الواقع السودانى بكل ثرائه قارئاّ وناقداً وساخراً بمفردات فى منتهى البساطة والعبقرية ظاهرها فيه الطُرفة وباطنها من قِبَلِهَا البُكاء ..!! ويتنقل بالقارئ ليضحكه حينما يريد الإضحاك بأسلوبه الماتع الذى يكشف به الستار عن مفارقات الحياة بطريقة تدعوا للتأمل بعمق فى أبعادها النفسية وحمولاتها الإجتماعية العميقة .. ويجعله يبتسم بحياء وسعادة حين يريد منه الإبتسام ( فهو من مدينة تجعلك تفعل ذلك حينما تدخلها ..!! ) .
فالنفاذ إلى نفس القارئ بكل هذا الجمال والتأثير الإيجابى لا يتأتى لكل أحد .. فكتاباته كأنها الوسادة التى تتكئُ عليها الرؤوس المثقلة بهموم الحياة وآلامها التى أرادتها لنا المليشيا بإجرامها فى مسرح العبث واللامعقول الذى نعيش فصول عرضه البائسة منذ أكثر من عام ونصف العام .. وكأنى به وبأخيه الجنرال قد رضعوا حليبهم بنكهة الإبداع و عسل الردوم أو كما قيل ..!!
حفظ الله بلادنا وأهلها ومبدعيها من كل سوء .
الأحد ٣ نوفمبر ٢٠٢٤م