إستنارة / العبيد أحمد مروح

ورطة إيغاد وأزمة الإتحاد الأفريقي

العبيد احمد مروح

العبيد أحمد مروح


تنعقد في العاصمة اليوغندية كمبالا اليوم قمة طارئة للمنظمة الحكومية للتنمية، المعروفة اختصاراً ب (إيغاد) بناءً على طلب جمهورية الصومال على خلفية الأزمة التي نشبت بينها وبين جارتها أثيوبيا، وقد أدرجت قيادة المنظمة في جدول أعمال الإجتماع موضوع الأوضاع في السودان !!

 وعلى الرغم من أن ثلاث من الدول السبع الأعضاء في المنظمة، هي السودان وأثيوبيا وإريتريا، تقاطع الإجتماع، وهي الدول المعنية بشكل مباشر بالأمر، إلاّ أن الرئاسة الحالية للإيغاد تُصِر على قيام الإجتماع في موعده، وكأن الإجتماع هدفٌ في حد ذاته وأنه يأتي على طريقة “مطلوب منفذ”!!

  في ظل العجز المالي المريع الذي تعانيه الإيغاد، وعدم ممانعة غالبية أعضائها لبيع مواقفهم، أسلمت المنظمة شبه الإقليمية قيادها للمانحين، وأضحت قراراتها معروضة في سوق السياسة الدولي، وعلى مَن يرغب في الحصول على قرار أو موقف معين مِن المنظمة أن يتقدم بعرضه، وهذا هو جوهر خلاف السودان مع مواقفها الأخيرة، فمن بعد ما نالت قدراً من ثقة السودان – العضو المؤسس فيها – لتكون مُسهلاً في الحوار السوداني السوداني وجدت رئاسة المنظمة وبعض قادتها مَن يغريهم بلعب دور من شأنه خلط الملفات والأوراق مجدداً، وراحت تنازع المملكة العربية السعودية في الدور الذي ظلت تلعبه لوقف الحرب عبر منبر جدة ونصّبت نفسها وسيطاً في شأن وقف الحرب.

  من الواضح أن الموقف الذي اتخذته حكومة السودان قبل أيام، والقاضي بتعليق التعامل مع الإيغاد في ملف الحرب والسلام، كان موقفاً مدروساً بعناية، وأقل ما يقال عنه أنه بعث برسالة تحذيرية إلى أكثر من طرف مفادها أن كفاكم عبثاً وتدخلاً في الشأن الداخلي السوداني، وأن على المنظمة – إن أرادت أن يكون لها دور إيجابي – أن تلتزم بقواعد ميثاق تأسيسيها وأن تحترم سيادة الدول الأعضاء، وأن تتوقف عن معاملة المتمردين والحركات السالبة وكأنهم جهات تمثل دولها.

  لقد أدخلت الإيغاد نفسها في ورطة حين سمحت لآخرين من خارج القارة متورطين في حرب السودان، أن يوجهوا قراراتها لمصلحة الطرف الذي يقفون وراءه في الحرب، وورطت من خلفها المنظمة الإقليمية الأم (الإتحاد الأفريقي) الذي كان يتعامل مع الشأن السوداني من خلال الإيغاد لكونه أبقى على عضوية السودان مجمدة فيه لأكثر من عامين، ولعل هذا ما يفسر لنا مسارعة رئيس مفوضية الإتحاد الأفريقي بالأمس لتلافي الأمر وتعيين ثلاث شخصيات رفيعة المستوى، قيل أنهم من المقربين منه، للتعامل مع الملف السوداني.

  على الإتحاد الأفريقي أو الإيغاد أن يفهموا أن الأزمة لا تكمن في الأشخاص ولا الآليات، وإنما تكمن في المنهج الذي يعملون من خلاله، وإذا أرادوا لجهودهم في السودان أن تصيب نجاحاً عليهم أن يستعيدوا المنظمتين من خاطفيهما، وأن يجعلوا من شعار “حلول أفريقية للمشكلات الأفريقية” واقعاً لا قولاً وألاّ يسمحوا للتدخلات الخارجية السالبة في الشأن الأفريقي أن تستمر بأكثر مما حدث، وإلاّ فالسودان هو سيد نفسه ولا شأن له بما يقولون وما يفعلون.   

اترك رد

error: Content is protected !!