كلام صريح / سمية سيد

واشنطن تتجاوز الخرطوم في ملف سد النهضة

سميه سيد


دخلت الولايات المتحدة الأمريكية في وساطة لإيجاد حل للأزمة المستفحلة في مفاوضات سد النهضة .
المبعوث الأمريكي الخاص لمنطقة القرن الإفريقي مايك هامر أجرى مباحثات مع الحكومة المصرية الأحد الماضي ضمن جولة أعلن عنها تشمل مصر، الإمارات وإثيوبيا دون أن تشمل السودان وهو يمثل دولة منبع ومصب لنهر النيل.
عقب اجتماعه مع مسؤولين مصريين قال هامر إن بلاده ستقدم الدعم للتوصل إلى حل دبلوماسي يحقق مصالح كافة الأطراف،ويسهم في المزيد من السلام والاستقرار.لم يأتِ المبعوث للقرن الإفريقي بأي إشارة للسودان في حديثه عن الحل الدبلوماسي والاستقرار في المنطقة .
التقلبات السياسية وعدم الاستقرار خصمت كثيرًا من موقف السودان التفاوضي خلال الجولات السابقة وأدت إلى عدم ثبات في الرأي في قضية يفترض أنها فنية بامتياز.فتارة تجدنا مع الموقف الإثيوبي مؤيدين لقيام السد بكل ما به من ملاحظات فنية .وأخرى نقف مع الموقف المصري الرافض لاكتمال مشروع السد بشكله الراهن الذي يؤثر على حصة مصر المائية .
ظل موقف السودان من قيام واكتمال سد النهضة بحسب الموقف السياسي لقيادة البلاد قربًا أو بعدًا من إحدى الدولتين ..مصر أو إثيوبيا..
التدخل الأمريكي الحالي جاء بطلب من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للرئيس الأمريكي جو بايدن خلال قمة جدة الأخيرة،حيث ناقش معه شواغل بلاده تجاه سد النهضة والتعنت الإثيوبي بعدم الموافقة على استمرار المسار التفاوضي بما يفضي إلى رؤية مشتركة.
وطلب السيسي من بايدن ضرورة التدخل لإبرام اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة .فيما أكد له بايدن دعم واشنطن للأمن المائي المصري.
الدعم الأمريكي للموقف المصري في موضوع سد النهضة يأتي بحسب تقارير صحفية في
إطار السباق المحموم بين أمريكا وروسيا في منطقة القرن الإفريقي .وتسارع واشنطن الخطى للحصول على موقف واضح ومعلن من مصر تجاه الحرب الروسية الأوكرانية.
وبرغم أن دولة الإمارات تعد خارج نطاق القرن الإفريقي الذي يتحدث باسمه مايك هامر .غير أن أبوظبي تمثل الآن اللاعب الأساسي في التحولات السياسية الكبيرة في المنطقة ، إلى جانب علاقاتها المميزة مع دولة إثيوبيا بما تمتلكه من استثمارات كبيرة في أديس أبابا،وسعيها للمزيد من الاستثمار في الفترة القادمة، ويهمها جدًا حدوث استقرار سياسي وأمني في المنطقة.
مصر تسعى بكل السبل لإيقاف استمرار عمليات الملء والتشغيل التي تواصل فيها إثيوبيا غير آبهة بالاعتراضات من مصر والسودان،مع فشل كل محاولات الضغوط لإيقاف عمليات البناء وتعلية الممر الأوسط في جسم السد
الآن وصلت عمليات الملء نحو 2 مليار متر مكعب فيما يتوقع أن تنتهي عمليات الملء الثالث نهاية يوليو الحالي أي بعد يومين بحسبما خططت له إثيوبيا بشكل أحادي مستفيدة من عدم وجود اتفاق قانوني ملزم للملء والتشغيل في اتفاق إعلان المبادئ في 2015 بالخرطوم. وهو ما جعل إثيوبيا في موقف قوة يتيح لها التحرك دون الرجوع إلى مصر والسودان.
لم تكن هذه هي المرة الأولى للتدخل الإماراتي لحل مشكلة سد النهضة .جولتان قامت بهما في السابق بصفة مراقب جمعت عبرهما مصر والسودان وإثيوبيا بأبوظبي إضافة إلى عدد من الاتصالات والاجتماعات غير المباشرة كلها باءت بالفشل ولم تحدث أي اختراق في القضايا العالقة بسبب التعنت الإثيوبي. بالرغم من موافقة مصر على المبادرة الإماراتية أملًا للوصول لجولة مفاوضات سياسية جديدة.
التعنت الإثيوبي بلغ مرحلة رفض إطلاع مصر والسودان على أي معلومات تخص عمليات التشغيل أوخطط الملء.كما ترفض إثيوبيا أي ملاحظات فنية خاصة بأمان السد .
باءت بالفشل جولة المفاوضات التي رعتها واشنطن وجمعت من خلالها أطراف النزاع ،السودان ومصر وإثيوبيا في عهد ترامب بسبب التعنت الإثيوبي.
كما باءت بالفشل أكثر من جولة رعتها دولة الإمارات العربية بأبوظبي بوجود أطراف النزاع الثلاثة.
فهل تستطيع المبادرة الأمريكية الإماراتية التي بدأت الأحد بتجاوز السودان من إحداث اختراق في أزمة سد النهضة؟
وما موقف حكومتنا من هذه المفاوضات الرباعية التي لم تكن طرفًا فيها؟
وهل ستقبل بالنتائج وسياسة الأمر الواقع إذا ما حدث توافق مصري إثيوبي؟

اترك رد

error: Content is protected !!