تقارير

نقلا عن ” السوداني : (كمبو طيبة) .. للقصة أكثر من وجه

الصحفي طارق عثمان يبحث عن أصل الحكاية من كمبو طيبة

أثارت الأحداث الدامية التي وقعت بكمبو خمسة المعروف أيضاً بكمبو طيبة، موجة من السخط في الأوساط المختلفة، بما أفسد شيئاً من فرحة الانتصارات المتتالية للقوات المسلحة، بولاية الجزيرة بما في ذلك استعادة السيطرة على مدينة ود مدني حاضرة الولاية، وفي سبيل الحصول على المزيد من الحقائق حول ما جرى في كمبو طيبة من أحداث وما صاحب ذلك من إجراءات لضمان استقرار الأوضاع في محلية أم القرى والمنطقة، (السوداني) زارت الكمبو لتجعلكم أمام الواقع على الأرض دون زيادة أو نقصان. 

بداية الحكاية

في يوليو الماضي، بدأت الحكاية، حينما هاجمت قوة من الدعم السريع المتمردة قرية المغاربة القريبة من مدينة أم القرى شرقي ولاية الجزيرة، واشتبكت مع أهالي القرية وراح ضحية ذلك الاشتباك اثنان من أهالي القرية، الهجوم انطلق من ارتكاز قوات الدعم السريع بكمبو خمسة المعروف أيضاً بكمبو طيبة والتي تفصله عن قرية المغاربة حوالي (2) كيلومتر، حينها اتهم أهالي قرية المغاربة، أبناء الكمبو الذين يقاتلون في صفوف قوات الدعم السريع بتنفيذ الهجوم.

مضت الأيام والشهور إلى الوقت الذي أعلن فيه قائد قوات درع السودان أبو عاقلة كيكل، انسلاخه عن قوات الدعم السريع وانضمامه إلى صفوف الجيش، هنا التحق به المستنفرون من شباب قرية المغاربة وأصبحوا مقاتلين ضمن صفوفه.

وبينما تتجه الأنظار إلى تحرير مدينة ود مدني، وجميع القوات منشغلة بما يجري من عمليات في تخوم حاضرة ولاية الجزيرة، استغل البعض الفرصة، لا سيّما بعد استعادة مدينة أم القرى لتصفية حسابات قديمة، فكانت الأحداث الدامية التي وقعت يوم الجمعة العاشر من يناير وراح ضحيتها حوالي 13 شخصاً بحسب إفادات بعض سكان كمبو خمسة (طيبة)، بجانب عمليات حرق لبعض المنازل ونهب للممتلكات.

ماذا فعل الجيش؟

وفور وقوع الأحداث، عاجلت القيادة العامة للقوات المسلحة بالتعاطي مع القضية بإدانة الأحداث، كما شَـكّل رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة، لجنة للتحقيق في الأحداث التي وقعت بكمبو طيبة برئاسة مساعد أول النائب العام ياسر البخاري.

وعلى الصعيد الميداني، تدخّلت قيادة سيطرة الفاو بنشر تعزيزات من الجيش في المنطقة لمنع تجدد الأحداث، مع وضع قوات دائمة في المنطقة لحين عودة الحياة لطبيعتها هناك.

وأكد قائد سيطرة الفاو، اللواء أمير يوسف في تصريح صحفي، أن الأوضاع الأمنية بكمبو طيبة وقرية المغاربة المجاورة عادت إلى طبيعتها تماماً، لافتاً إلى أن قيادة سيطرة الفاو اتخذت إجراءات عاجلة فور وقوع الأحداث عبر إرسال قوة من الجيش للفصل بين الطرفين، واستطاعت تلك القوات التي ارتكزت بكمبو طيبة تأمين المنطقة بشكل كامل واستعادة الهدوء بين السكان، وقال إن جميع القرى والكنابي بالمنطقة بينها تعايش سلمي ممتد لعقود، وإنّ ما حدث ليس بالحجم الذي يتم الترويج له وإظهاره كأنه تصفيات للمدنيين في المنطقة.

خلفية الأحداث

يقول عمدة كمبو خمسة “كمبو طيبة” محمد الحسن علي إبراهيم في إفاداته لـ(السوداني)، إن الأحداث بالكمبو لم تبدأ الأسبوع الماضي، ويضيف: “عندما سيطرت قوات الدعم السريع على المنطقة انخرط جزء من أبنائنا المتفلتين في صفوفها بغرض النهب وسرقة أموال الآخرين، حيث كانت عناصر الدعم السريع تقوم بعمليات نهب وقتل واسعة في قرى المنطقة”.

العمدة محمد الحسن في حديثه لـ(السوداني)

ويشير العمدة محمد الحسن إلى أنه وفي يوليو الماضي، دخلت عناصر من قوات الدعم السريع على متن 17 درّاجة نارية إلى قرية المغاربة المجاورة لكمبو طيبة واشتبكوا معهم وقُتل من كل طرف شخصان، وبعد انجلاء الأحداث، تم اتهامنا من قِبل أهالي قرية المغاربة بأننا مَن أتى بقوات الدعم السريع لمهاجمتهم، ووقعت بعض الأحداث ولكن تم احتواؤها بعد تدخل الإدارات الأهلية.

وتجدّدت الأحداث بعد استعادة مدينة أم القرى، إذ هاجمت مجموعة مسلحة الكمبو وهي على متن عربات مكتوب عليها قوات درع السودان، وجميع الذين كانوا في تلك العربات من أبناء المنطقة ونعرفهم بالأسماء، سقط في يوم واحد 17 قتيلاً من سكان الكمبو، وسبق أن وقع سبعة قتلى في أحداث سابقة بذات الخلفيات!.

ويؤكد العمدة محمد الحسن أن الأوضاع الآن تشهد هدوءاً تماماً بعد التعزيزات التي أرسلها الجيش للمنطقة. ورحّـب بقرار رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش الخاص بتشكيل لجنة للتحقيق في الأحداث التي وقعت بكمبو طيبة، ولفت إلى إخطارهم بأن اللجنة ستصل في أي وقت، وقال إنهم قاموا بإعداد إحصائيات شاملة بكل الخسائر والأضرار التي لحقت بسكان المنطقة جرّاء الأحداث.

أيامٌ عصيبةٌ مع الدعامة

ويروي الدومة آدم يعقوب وهو أحد سكان كمبو طيبة لـ(السوداني)، وقائع صبيحة الجمعة العاشر من يناير بالكمبو، ويقول: “هاجمتنا قوات لا نعرف لمن تتبع، ولكنها ترتدي أزياء عسكرية مختلفة، أطلقوا النار بكثافة قتلوا حوالي 13 شخصاً من سكان الكمبو، وحرقوا بعض المنازل ونهبوا المحاصيل الزراعية والمواشي من الأبقار والأغنام، القوة التي هاجمت الكمبو كانت كبيرة”.

ويضيف الدومة: “عندما وقع الهجوم على القرية لم يكن هناك وجودٌ للقوات المسلحة في المنطقة، ولكن بعد وصول القوات المسلحة بقيادة ضابط ووضع ارتكازها في المنطقة، شعر الناس بحالة من الطمأنينة”، مؤكداً أن سكان الكمبو عاشوا أوضاعاً عصيبة خلال سيطرة قوات الدعم السريع المتمردة على منطقة أم القرى، وكانوا شبه مُحاصرين لا يستطيعون التحرك بحريةٍ، بل قوات التمرد كانت تمنع الناس من الخروج وتطلق الرصاص بكثافة لترويع الناس وكان جنودها ينهبون كل شيء.

اترك رد

error: Content is protected !!