نقلاََ عن “المونيتور ” : يوميات النيل .. حكايات مصورة تعكس الجانب الآخر من حياة سكان النيل
رصد : الرواية الاولي
القاهرة – آية أمان :
في معرض “يوميات النيل ” سترى لقطات مصورة تحكي الجانب الآخر من حياة سكان النيل، تحاول أن تلمس وتعايش أحلامهم ومشاكلهم، في وقت يتحدث فيه الإعلام والدراسات عن حروب مياه دولية قد تبدأ من نهر النيل حيث تتنازع حكومات الدول المتشاطئة على نصيب وحصص إضافيه من المياه التي تبقى هي الأخرى محل تهديد مع التلوث والتغير المناخي.
في 2019 بدأت نقاشات ولقاءات بين مجموعة من المصورين والباحثين والصحفيين عبر دول حوض النيل، للتعاون من أجل رصد حكايات السكان على ضفة نهر النيل، والذين يعتمدون على مياه النهر كمورد أساسي للحياه في مياه الشرب والزراعة وصيد الأسماك وتوليد الطاقة أيضاً، في إطار مبادرة للتقارب يتعرف من خلالها أبناء النيل على طبيعة الحياة والمشاكل والتحديات التي يعيشوها بعيداً عن الصورة النمطية التي يحملها سكان كل بلد عن البلد الآخر.
في حديث مع “المونيتور”، يقول روجية أنيس، المدير الفني لمبادرة يوميات النيل على هامش معرض فني للمبادرة في القاهرة من 15 إلى 20 يونيو: “الحكايات ترصد حياة سكان النيل من الجفاف القاحل إلى الفيضان الذي يغرق المحاصيل ويزهق الأرواح”، موضحا ً :” هدفنا منذ أربعة سنوات هو رسم خريطة بصرية معلوماتية عن مجتمعات دول حوض النيل لكسر الصورة النمطية واستكمال الحكايات المنقوصة والتعرف على الآخر”.
يقول أنيس : “الصورة النمطية لدى سكان النيل عن بعضهم البعض في أغلبها نتيجة نقص المعلومات ونقل الحكايات بشكل فردي ومقتضب”، “المبادرة تشمل تسعة مصوريين وصحفيين من دول حوض النيل ننقل من خلالها مجموعة من الحكايات المختلفة يعيش أبطالها على ضفاف النهر فمع التوتر والصراع كان من الضروري لأبناء دول حوض النيل أن يسمع ويرى كل منهم الآخر”.
وفقاً لدراسات عن دور الإعلام والعلوم في التأثير على التوتر والصراع في حوض النيل والنيل الأزرق بشكل خاص ضمن مشروع “مختبر دبلوماسية المياه المفتوحة”، فإن هناك اتجاه إعلامي بتحريف الحقائق العلمية والفنية لتأجيج المشاعر واستثارة النعرات بعيداً عن الموضوعية، كما أن معظم المعلومات عن قضايا محل نزاع مثل سد النهضة تعتمد على النسخ واللصق من مواقع الانترنت.
عن قدرة الصور القصصية لتغيير الصورة النمطية وتصحيح المعلومات يقول أنيس : “من الصعب الحكم على قدرة الصورة لتغير وجهات النظر بشكل كامل، لكن إذا استطاعت لقطة مصورة أن تحدث اندهاش لدى من يشاهدها بمعرفته شيئ جديد فهو نوع من التغيير الذي يمكن من خلاله جذب الانتباه لتقديم معلومة جديدة ومزيد من المعرفة”.
يضيف أنيس : “لا يمكن القول أن مثل هذه المبادرات يمكن أن تقلل التوتر الناجم عن الخلافات السياسية في إدارة مياه النيل ، لكن على مستوى الشعوب يمكن أن تكون جسور من التواصل بعيداً عن السياسة وتأثيرات البروباجندا السياسية السلبية، حيث تكون بمثابة حملات توعوية وتعريفية في وقت تشهد فيه دول حوض النيل حملات موجهة قوية مدعومة من الحكومات والسياسين”، مضيفاً : “تبادل الحكايات يمكن أن يخلق حالة من من الحراك وليس تغير كامل للصورة الذهنية خاصة اذا ما كانت هذه الحكايات مشبعة بالقصص الانسانية الجاذبة والتي تلمس المشاعر”.
في حديث للمونيتور مع الباحث في السياسات المائية والإعلام، ايمانويل فيتيني بمعهد IHE Delft للمياه، عن تجربته في العمل مع الصحفيين والمصوريين من دول حوض النيل خلال مشروع يوميات النيل يقول : “كان للمصورين أنفسهم الفرصة لاكتشاف القصص والحكايات والمشاكل المتعلقة بالنيل، في بلادهم أو دول أخرى تتطل على النيل، ليشاهدوا عن قرب الطرق المختلفة التي يحصل بها شعوب النيل على المياه”، “لمست اندهاش من الصحفيين في مصر من أن بعض شعوب النيل مثل إثيوبيا والكونغو الغنيين بالمياه ليس لديهم طريقة للحصول على مصادر المياه النظيفة وبذلك كان هناك فرصة لاكتشاف التحديات المشتركة المتعلقة باستخدامات المياه والزراعة والأسماك والطاقة الكهرومائية”.
يرى فيتيني أنه : “في بعض الأحيان في دول مثل مصر والسودان وإثيوبيا بسبب الحساسية الأمنية والسياسية لملف النيل، الصحفيين والباحثين ليس لديهم الحرية الكافية للتعبير والبحث، لكن العمل عبر هذه المبادرات الجماعية يكون هناك قدر من الحرية لحكي القصص والعمل من خلال منظور جديد يتحدى الصورة الذهنية القائمة والادعاءات والتيار العام، حيث أن عملية الدمج بين الصحفيين يمكن أن تحلق فرص وحالة من الحرية وفي تناول الملفات المختلفة المتعلقة بالنهر لكنها عملية تتم على المدى الطويل كي يظهر تأثيرها”. موضحاً : “في مشروع يوميات النيل لا نركز على القضايا السياسية المنتشرة في الإعلام ومحل التوتر مثل سد النهضة الإثيوبي، ومع عرض الأعمال المصورة على الجمهور رأيت حالة من الإندهاش والفضول والاهتمام بالمعرفة”.
يشارك في مبادرة يوميات النيل، مشروع InfoNile وهي مجموعة عابرة للحدود من الصحفيين الجرافيين للكشف عن القصص المتعلقة بقضايا المياه في حوض نهر النيل وسردها بالوسائط المتعددة المستندة إلى البيانات، حيث تدعم المبادرة بأرقام وحقائق علمية تتعلق بالقضايا التي تتناولها القصص المصورة مثل الجفاف والفيضان والتغير المناخي وحالة الري والزراعة ومصائد الأسماك على ضفاف النيل.
تقول أنيكا مكجينيز، Annika McGinnis، مؤسس ومدير مشروع infonile في حديث مع “المونيتور”، :”نستهدف ربط الصحفيين عبر الحدود لنقل نفس القصة من زوايا مختلفة لجمهور مختلف عبر حوض النيل”.
تؤكد مكجينيز “لم يكن الأمر في البداية سهلاً وطبيعاً بالنسبة للصحفيين للعمل الجماعي .. كان هناك قناعات صعبة لكن مع انتاج القصص الجماعية انخفضت حدة النزعة القومية خاصة في القصص العابرة للحدود التي يتم من خلالها مقارنة المعلومات من كل دولة والخروج ببيانات بعيدة عن التحيز لقضايا النيل المشتركة والعابرة للحدود”.
وعن مدى تأثير عمل الصحفيين من دول حوض النيل بشكل جماعي على نفس القضايا والتحديات المشتركة تقول مكجينيز، “قد يأخذ الأمر مزيد من الوقت ولكن من خلال المبادرات وبرامج التدريب وانتاج القصص العابرة للحدود أضبح هناك تجارب ملهمة وقصص جيدة تقلل من حدة التوتر”.
وتبقى مشروعات ومبادرات الصحفيين المدعومة من الجهات المانحة المهتمين بخفض مستوى التوتر والتعاون في حوض نهر النيل، مسار جديد للتعاون في نقل الجانب الآخر من حياة سكان النيل، ومحاولة لخلق حالة من التفاعل لدى الرأي العام المحلي بالإشتباك مع القضايا والتحديات التي يعيشها سكان النهر، بعيداً عن الصورة النمطية السلبية والنعرات القومية التي تزيد من حالة الاحتقان والتوتر دون حل أي من قضايا النزاع المتعلقة باستخدامات مياه النهر.