على شط النيل / مكي المغربي

نصيحتي لأحزاب ومجموعات – الاطاري!

مكي المغربي

هل يمكن اعتبار 15 نوفمبر “إنقلاب”؟ وهل يجوز وصف الأزهري والمحجوب بالانقلابيين؟ أم أنها ممارسة ديموقراطية تصحيحية؟
هل هي فقرة من تاريخ السودان السياسي الحديث في الاقصاء والاقصاء الانتقامي المضاد، الطاحونة التي “قضمت الحب ويد الطحان”.
أجتمع البرلمان صبيحة 15 نوفمبر 1965 وتقدم محمد أحمد محجوب رئيس الوزراء بطلب إلي رئيس الجمعية برفع المادة 25 ( من اللائحة الداخلية لمناقشة أمر عاجل. ثم قرأ الرئيس مقترحا تقدم به ستة أعضاء يقول “أنه من رأي الجمعية التأسيسية بالنسبة للأحداث التي جرت أخيرا في العاصمة والأقاليم وبالنسبة لتجربة الحكم الديموقراطي في البلاد وفقدانه الحماية الضرورية لنموه وتطوره أنه من رأي الجمعية التأسيسية أن تكلف الحكومة للتقدم بمشروع قانون يحل بموجبه الحزب الشيوعي السوداني ويحرم بموجبه قيام أحزاب شيوعية أو أحزاب أو منظمات أخري تنطوي مبادئها علي الإلحاد أو الإستهتار بمعتقدات الناس أو ممارسة الأساليب الدكتاتورية”.
كان الراحل الأزهري رئيس مجلس السيادة قد خاطب جموعا أمام منزله مؤكدا أن الحكومة والبرلمان سيوقفان الأمر عند حده، وإن لم يفعلا فإنه سينزل مع الجماهير إلي الشارع لتطهير البلد.
السؤال: هل دفع برلمان أكتوبر ثمن حظر الشيوعيين بانقلاب مايو عليهم وحبسهم، الى أن مات الازهري بنوبة قلبية في السجن بعد أن تم تزويد غرفته باسطوانة اوكسجين فارغة؟
للاسف، لم يتجه الشيوعيون في انقلاب مايو لاعادة السلطة للشعب بانتخابات ومارسوا الفصل والتشريد والعنف بل والقصف الجوي ضد خصومهم في الجزيرة أبا في مارس 1970، و”مسحوا حد السيف باللحية” كما قالوا، وأيدهم الجمهوريون، ثم سعى الشيوعيون للسيطرة الكاملة باسقاط النميري نفسه في يوليو 1971، ونفذت مذبحة بيت الضيافة، لكن كان النميري قد افلت من حبسه، وعاد وحاكمهم واعدمهم، حتى الجمهوريين لاحقهم بعد سنين واعدم محمود محمد طه بالارتداد عن الإسلام.
أعتقد أن ما تبقى من قحت المركزي، الأولى له أن يتذكر هذا الدورة السودانية في (الاقصاء والاقصاء المضاد) التي مارسها الجميع ضد الجميع ولم يفلت أحد مارسها إلا بسداد ثمن باهظ.
نصيحتي لهم، اضربوا بعرض الحائط أي وعود أجنبية بالدعم في حال انفردتم بالسلطة، أنهم يخدعونكم ولا يستطيعون حمايتكم من أي خصوم وضحايا لكم من المقاومة أو النظام السابق ولا من أي غضب شعبي فوضوي أو جهوي بتدبير الخارج نفسه، أو فشل اقتصادي بخذلانه، كما حدث لكم من قبل، عندما كنتم أقوى، وانتم الان أضعف والشارع ساخط عليكم.
أعلنوا تعديل الاطاري من طرفكم وباختياركم، وانسوا فكرة الانفراد بتعيين رئيس وزراء، انسوا فكرة انكم قوى الثورة وغيركم قوى انتقال، فقد تنازلتم أصلا من تسميتهم ثورة مضادة وفلول، لانها لم تكن فكرة واقعية وكنتم أضعف من أن تحرسوها للنهاية، وتفاهمتم مجبرين من الخارج نفسه الذي حرضكم واستخدمكم ضدهم للتوقيع مع الذين كانوا مع البشير حتى آخر دقيقة.
الآن، أنتم أضعف والظروف أسوأ، ولن تصمدوا في حماية موقفكم.
قرروا وبسرعة، ازالة النقاط المختلف حولها من الاطاري بلا تفاوض وافتحوه للتوقيع واخرجوا انفسكم والسودان من الدورة الخبيثة.
اذا اخترتم غير ذلك، ستدور عليكم عجلة الاقصاء مجددا وفي وقت وجيز للغاية وبأسوأ مما تتخيلون.
أيضا نصيحتي للاجسام المطلبية والمهنية الصغيرة التي حشدتها قحت بوصف انها قوى ثورة معها وشريكة معها في جريمة الاقصاء الفاشل.
كثير منكم لا يعرفهم الشعب السوداني، والاتهام لكم بانكم ردفاء خلف سرج قحت لا يبدده إلا تسجيل موقف للتاريخ والتمرد لوجه الله والوطن، والاعلان بانكم تقبلون بازالة النقاط الخلافية من الاطاري التي تمنحكم تفضيلا لا قيمة له ولا جدوى منه، طالما طاحونة الاقصاء تدور وتكسر العظم وتمزق اللحم.
هذا الاقصاء أصلا شيك برصيد صفري، ولعنة تاريخية، اكسبوا التاريخ، وسجلوا موقف وعطلوا الدورة الخبيثة والا ستحاسبون باقصاء قحت للاخرين مع أن دوركم ثانوي وغير أساسي.
لو كانت هنالك (اغراءات أخرى!) تأكدوا أنها سحت ومحق وستدخل عليكم بالبلاء والمرض والفشل وسوء الدار، يكفيكم ما سبق، استغفروا الله منه، واقلبوا الطاولة على الاقصاء والاقصاء المضاد.
عطلوا الدورة الخبيثة.
وافتحوا صفحة جديدة في التاريخ السوداني.

اترك رد

error: Content is protected !!