¤ فصل جديد من فصول تامر الباغي الشقي حميدتي.. نروى لكم قصة فشله في تحقيق مآربه في السيطرة على شرق السودان، عبر مفاوضات جوبا لسلام السودان.. وظف ثروته الطائلة والنفوذ غير المحدود الذي كان يتمتع به لتحقيق هدفه.. ومع ذلك كان الخسران حليفه.. لاحقه كابوس الفشل حتى تمرده.
¤ لكن هل نوى الرجل على ذلك؟ وكيف؟.. نعم سعى للاستحواذ على ميناء بورتسودان وتاسيس ميناء جديد في المستقبل، كان ذلك واحدة من اسباب صراعه مع رجل الاعمال اسامه داؤود.. كما شرع في انشاء قوة بحرية خاصة بالمليشيا.. تمكنه من القرصنة بغطاء رسمي ونقل الذهب والسلاح متى ما اراد.. واطلاق مشروع تامين البحر الاحمر إسوة بمشروع مكافحة الهجرة غير الشرعية.. الذي كان يقبض مقابله مئات الملايين من الدولارات من الاتحاد الاوربي.
¤ كان حميدتي مطمئناً ان التفاوض حول ملف الشرق سيمضي لصالحه.. وسيتم تصميم اتفاقيه (ملتقه)، و(هشه) تحقق اجندته المشبوهة وتضع الاقليم في جيبه.. لكن تحطمت آماله مثل فشله في حكم البلاد، هب عليه اعصار اقتلع كل خيام الخبث التي نصبها وشتت شمله.. وجد نفسه مجابه بشاب شرس، و (تفتيحه).
¤ دخل رئيس مسار الشرق خالد شاويش المفاوضات، حاملا معه هموم وقضايا اهله لا شخصه.. فاوض بكل همه بـ (استصحاب)، شواغل كل الناس وفشلت معه كل محاولات (استقطاب).. وقد استند، ورفاقه على القواعد من القلابات الى همشكوريب وحتى هيا.. كان التفاوض مؤسسي وبذلوا فيه جهدا وطنيا خالصا.. مكنهم من احباط مخطط المليشيا.
¤ لذلك عمل حميدتي على دعم شخصية شرقاوية منبوذة وصاحبة رصيد جماهيري صفري.. يحركها مثل دمي في مسرح عبثي.. اصطحبه معه ذات مرة في طائرته القادمة الى جوبا ليعبث بملف الشرق، وخاب مسعاه.. أما شاويش كان له خط ساخن – مثل كوب قهوة يعدل المزاج – مع كل أهل الاقليم.. في وقت كان كثير من قادة الحركات يعانون من عزله.. ظل خالد يدون ملاحظاتهم في مفكرته ويسهر عليها ويجتمع مع وفده.. ويحمل الخلاصة الى طاولة التفاوض.
¤ حاول حميدتي، الهاء شاويش بصراعات جانبية، مثلما كان يفعل مع القوات النظامية التي دخلت في دوامة التظاهرات العبثية المصنوعة.. فشلت كل محاولاته مع شاويش.. اولها رشاوى (البكاسي) ،التي كان يوزعها كالحلوى – على قول د. الدرديري محمد احمد في مقاله الرائع (عربان الشتات).. وقد تفاجأ ان خالد يورد سيارات للمنطقة.
¤ كانت الخطة الخبيثة الثانية الترويج بعدم التفويض.. وكان خالد يرد بعنف ويسال في الاجتماعات وبصرامة معهوده فيه من منكم يحمل تفويضا من اقليمه.. بمناسبه صرامته، تفاجأ ذات مرة وهو يهم بالدخول الى غرف التفاوض بوجود القحتاوي ابراهيم الشيخ.. واستفسر عن سبب مشاركته.. وقال امام الحضور (دا تفاوض بين حركات وكيانات سياسية مع حكومة لا علاقة للحرية والتغيير به).. اضطرت الوساطة لاخراج الشيخ من القاعة.
¤ سعى حميدتي في حفل التوقيع بالاحرف الاولى ان يقحم (زوله وصنيعته) ليوقع الى جانب شاويش، لكن الاخير حسم الامر. ووقع وحده عن المسار.. وجاء الاتفاق ملبياً لتطلعات أهل الشرق لا حميدتي، يتفوق على وثيقة اسمرا 2006 في المكاسب.. وياله من اتفاق ينبغي لأهل الاقليم الدفاع عنه ولو بالسلاح.. يكفي ألزامه المركز ولأول مرة بتخصيص حصة معتبرة للإقليم من عائدات المشاريع القومية بالشرق.. وفي مقدمتها ميناء بورتسودان، كما حفظ حقوق طلاب الشرق بشأن الرسوم الدراسية.
¤ وخصص 14% من مجموع وظائف الخدمة المدنية القومية لأبناء وبنات الشرق.. ومنح المرأة في الشرق تقديراً.. جدير بالتقدير، كما نص الاتفاق على تأكيد تمثيل المرأة تمثيلاً عادلاً وتكون مشاركتها بنسبة لا تقل من 40 % في كل المستويات.
¤ كما اولى المسار صندوق تنمية الشرق، اهمية خاصة.. رغم شبهات الفساد التي اثيرت بشأنه.. واصدر رئيس الوزراء الاسبق محمد طاهر ايلا قرارا قضى بحله.. الا ان شاويش لم يتهم القائمين على امره ونص الاتفاق بجوبا على مراجعة مشروعات الصندوق بواسطة بيوت خبرة عالمية.
¤ عند اقتراب موعد التوقيع، بدأ حميدتي وامثاله في محاصرة مسار الشرق.. تم الترويج ان الاتفاق المتوقع لا يمثل كل اهل الاقليم.. لم تعجز الحيلة قادة المسار وتم تضمين (الملتقي التشاوري) الذي يتيح مشاركة الجميع لاكمال النواقص، رغم ان الاتفاق يكاد لم يغفل شيئا.. واضح البنود ولا غموض حولها ولذلك فشل حميدتي وغيره في المزايده على خالد او النيل منه.
¤ بموجب الاتفاق تم منح المسار منصب وزير.. واعتقد حميدتي الذي تولى رئاسة ملف تنفيذه.. ان الفرصة جاءته لشراء ولاء شاويش ووسط كثيرن لذلك.. المهم في لقاء محضور بالخرطوم ساله : (عاوز وزارة شنو يا خالد؟).. اعتقد انه لاهث وراء السلطه مثله.. كاد حميدتي يسقط مغشياً عليه، عندما صفعة شاويش والابتسامة تغرق وجهه برد قاسي (والقال ليك منو عاوز ابقى وزير).. وبالفعل لم يقدم نفسه كما فعل كل قادة الجبهة الثورية.. ضارباً موقفاً رائعاً في الإيثار.
¤ لم يتوقف تأمر حميدتي، قام بوضع الاتفاق في درج مكتبه وتسبب في تجميده.. تكللت جهود واتصالات شاويش واخرين مع القصر.. بتفعيل الملف باسناده للفريق اول شمس الدين كباشي.. لكن تدخلت الايادى الاثمة مرة اخرى.
¤ ومهما يكن من امر.. لو تعاملت كل الجهات مع حميدتي بذات ندية شاويش، وعدم الاسترخاص امامه.. ورفض هداياه وفي حقيقة الامر هي رشاوي.. لما طغى وتجبر ولعرف وزنه الحقيقي وربما لم يتطاول على الجيش.