مَا في وجود النَّاسِ من شيءٍ به يَرضَى فؤادي أو يُسَرُّ ضَميري فإذا استَمَعْتُ حديثهم ألْفَيْتُهُ غَثًّا يَفيض بِركَّةٍ وفُتورِ
في كثير من الأحيان يخفف الضحك من الشعور بالضغط النفسي فمزيد من الابتسامات والضحكات هي كل ما قد يطلبه منك الطبيب النفسي في بعض الحالات…
أذا كنت تضحك على برنامج ساخر في التليفزيون أو تبتسم بسبب الرسوم الكارتونية في الصحف، فالضحك يجعلك تشعر بإحساس أفضل ،كما أنه يُعد شكلًا رائعًا من أشكال تخفيف التوتر والضجر… لذلك جرت العادة في بعض المناسبات المهمة أن يقدم الحفل فكاهي محترف يستطيع الغوص داخل أغوار النفوس ومن ثم رسم الابتسامات بمهارة على وجوه الناس، مثلما حدث في حفل توزيع جوائز الأوسكار العالمية هذا العام… وهنا مربط الفرس، فقد خطف الممثل الأميركي ويلي سميث الأضواء بتلك الصفعة القاسية على وجه المقدم الكوميدي كريس روك بعد أن علق الأخير بطريقة ساخرة على زوجة ويلي سميث و هي تجلس بجانب زوجها حليقة الرأس بسبب مرض تسبب في تساقط شعرها… لم تعرف هذه الفكاهة غير الموفقة سوى رسم الألم و الدموع على وجه الممثل ذي الوجه الطفولي الضاحك..فوجد سميث نفسه يسدد صفعة مؤلمة للفكاهي كريس روك ، فأصيب الحضور بالصدمة والذهول… و على الرغم من أنني ضد كل أشكال العنف، و لا أجد مبررًا لها الا أن هذا الموقف في رأيي عبر عن مدى احترام و حب هذا الرجل لزوجته (غيدا ) التي تعدى سني زواجه بها الثلاثين عاما… لم يستطع روك سوى رسم الدموع على وجه ويلي سميث الذي اعتذر لاحقا بكلمات هزت مشاعر الحضور٫ بعد تسلم جائزته عن أداء أفضل ممثل٫ لم يكن اعتذاره موجهًا إلى روك كريس وإنما للأكاديمية التي أقامت الحفل… فعندما تخرج الفكاهة عن مضمونها الأساسي تمسي حاجزًا نفسيًا مؤلمًا وتثير الكثير من مشاعر الغضب والعبوس وتفقد الهدف الأساسي منها… كثيرون يظنون أن التعليق على الاخرين بشكل ساخر قد يشيع المرح والفرح في بعض المواقف، و لكن هيهات فقد ينقلب أحيانًا عكس ذلك تماما.
• لندن مارس 2022م