• رحم الله أستاذ الأجيال الكاتب الصحفي والشاعر فضل محمد ـ ومثله يذكر بالدعاء في أيام الرحمات الرمضانية، ويفتقد في مواسم الأعياد والصفاء – وفضل الله من رموز الوطن وفرسان الكلمة السياسية والمفردة الشعرية الذي نال من الإجماع، وحاز من الإعجاب الكثيف بين أجيال مختلفة من الإعلاميين والمبدعين والسياسيين وعامة المتلقين لرسائل الوعي، منذ نخبة أكتوبر التي كان أحد روادها في العمل السياسي الطلابي، وأحد ناقشي انتصارها على جدران الإبداع الذي يستعصي عن المحو بأكتوبريته الوجدانية (يا صحو الشعب الجبار)، مروراً بتجاربه الصحفية في الوطن وفي المهجر، إلى أن رأس عن جدارة واستحقاق مجلس الصحافة، وأدار بلاط عرشها ..
• حين لحظة عشم تاريخية وبارقة أمل وطنية، والقوى السياسية بمختلف أطيافها وأحزابها وتحالفاتها تجتمع بعد “نيفاشا” على طاولة (المفوضية القومية للمراجعة الدستورية) التي قادها مولانا “أبيل ألير” وعاونه في القيادة نائباه د.منصور خالد ـ رحمه الله ـ ومولانا عبدالله إدريس،،، ثم تنتج المفوضية ما أجزم بأنه أعظم إنجاز دستوري في التاريخ الوطني (دستور2005) – وتاجه المذهب (وثيقة الحقوق والحريات العامة) ، كتب فضل الله محمد مقالاً بروح القصيدة وقدسية الوطن عنونه بـ:(حافظوا على نظافة ديمقراطيتكم).
• ما أشبع إحساس الأمل في تلك الأيام بأن البلاد ستنتقل حقيقة إلى واقع الاستقرار السياسي وبيئة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة كان طريقة الحوار ونهج التناول لقضايا الوطن المصيرية على طاولة المفوضية، وفي وسائل الإعلام وعلى صفحات الصحف ومن منابر الأنشطة السياسية المختلفة، أجزم أيضاً ما كان ليكون الإنجاز رائعا بهذا القدر بعد توافر الإرادات إن لم يكن النقاش والحوار سامياً وراقياً ومرتفعاً رغم احتداد واحتدام الخلافات في كثير من النقاط صغيرها وكبيرها – وأذكر من وقائع تلك الأيام أن وفداً من مفوضية الدستور يمثل أطيافاً سياسية مختلفة طار من الخرطوم لمقابلة الراحل “د.جون قرنق” في رمبيك والوفد يحمل نقاطاً خلافية أراد أن يستمع فيها لرأي “قرنق” وبعد استقبال القائد للوفد وقبل طرح ما اختلف عليه فاجأ “قرنق” الحضور بعلمه بأن واحدة من نقاط الخلاف التي أتوا بها هي استهلال الدستور بالبسملة، وأردف قائلاً: “نحن في الحركة الشعبية موافقون على (بسم الله الرحمن الرحيم) وإن شاء الله نجد الموافقة من الآخرين على بعض ما اختلفوا عليه، فضج المكان بالضحك ، وعاد الوفد بتوافق على المختلفات” .
• بلا منازع وطيلة أسبوع عطلة عيد الفطر المبارك وما بعده شغلت حوارات برنامج (الميزان السياسي) ـ الساحة السياسية والإعلامية بما في ذلك السوشال ميديا المجنونة ـ ووجد البرنامج الذي هو من فكرة وإعداد وتقديم الزميلة الإعلامية القديرة “عفراء فتح الرحمن” الذي بثته قناة (سودانية 24) – كثيراً من ردود الأفعال المختلفة بين المحايدة والمنحازة، وطبيعي أن تجد مثل هذه الحوارات ما وجدت لعدة أسباب منها أن الحوار أُجري مع شخصيات من الوزن الثقيل أو من مثيري الجدل السياسي والإعلامي مؤخراً، لكن نعتتهم جميعاً الزميلة عفراء بوصف واحد هو (الشجعان)، وكانت شفرات هذا النجاح للميزان هو ذكاء المُحاور والمحَاور، والمهارة التراكمية والمهنية للمقدمة التي فعلاً رفعت (المطرقة) – شعار البرنامج – وأنزلتها عدة مرات في نقاط الطرق والقرع التي أحدثت كل هذا الدوي وأصداءه.
• جاءت حوارات برنامج (الميزان السياسي) بعد مرحلة (ارتجاج سياسي عنيف) فيما قبل 25 أكتوبر وما بعده، مصاحبة بأعراض الهستريا والتعصب والنظر المتسمر، وفي اعتقادي أن البرنامج نقل المشهد العام الي مقام كان مفقود في السابق هو مقام (الحوار الحر المفتوح) مع ترك التقييم للمتلقي، دون توجيه أو وصاية، وهذه في إعتقادي أيضاً من أولى خطوات تعافي الساحة السياسية والإعلامية إن كنا نريد حقاً أن نرسي للديمقراطية أساساً أو نصنع للحرية بيئة أو نحترم للناس عقلاً .
• تتقاطع الرؤى، وتختلف الأفكار، وتتمايز وجهات النظر، ولكن علي ميدان الإعلام الذين يختلف عن الميادين الأخرى تبقي المعايير واضحة والمقاييس معلومة لمن أراد أن يعرض بضاعة غير مزجاة، وتكافح فيه كل أساليب الغش.. تهنئة مستحقة للزميلة عفراء فتح الرحمن على الفكرة والإعداد، ومسؤولية عظيمة على عاتقها، وعلى عاتق كل مهني واحترافي يحمل عهدة القامة “فضل الله محمد” طيب الله ثراه ـ بأن حافظوا على نظافة ديمقراطيتكم،،،
وإلى الملتقى.
• السوداني