مسافات / جدية عثمان

من للفقير تركته مذهولا ينعى رغيفا قد غدا مسلولا ،، من ذا يكفكف دمعة الجوع التي سالت على خد الوعود طويلا ،،يزداد دخلي حسرة وتراجعا وبكيدها الأسعار صارت غولا

جدية عثمان



العمل عبادة وسر من أسرار الحياة لأنه يُشعر الإنسان بقيمته، ويمنح الشعور بالرفعة وعزة النفس مهما كان نوعه…بالنسبة لي هو عافية لروحي ودرء لها من التكلس والصدأ… بالطبع تختلف المهن فهناك عمال النظافة وعمال البناء وعمال المصانع والكثير من الوظائف التي يراها البعض هامشية، لكن ما يعنيني حقا في هذا المقال هم الباعة الجائلون والسريحة أو الفريشه الذين أصبحوا واقعًا لا تخطئه العين… وهنا اتساءل هل هناك إحصاءات رسمية لعدد الذين يعملون في القطاع الخاص غير المنظم خارج المنشآت والشركات؟ أو ما يسمي بالقطاع غير الرسمي؟!! ومن ضمنهم “الفريشة” المغلوب على امرهم بقدر ما توجد الملاحقة والمصادرة لبضائعهم من قبل السُلطات الأمنية التي تعتبرهم ظاهرة سالبة يجب أن تجتث بالمواجهة الأمنية… على غرار ما جرى في الأيام السابقة في السوق العربي! لابد من القول أن مثل هذه الحلول قد تدفع بهؤلاء الشرفاء للسرقة فكيف يعيشون و من أين يأكلون؟ كما أن مصادرة بضائعهم التي اشتروها بكل ما يملكون من مال ليست الحل الأمثل… صحيح أن هذا التصرف قد يساعد في اختفاء الظاهرة لأيام، لكنها لن تلبث أن تعود بعد أيام وهي أكثر انتشارًا وأكثر قوة٫ لذلك يجب على الدولة أن تبحث عن حلول أخرى اسوةً ببقية دول العالم… بالتأكيد تراجع الاقتصاد وغلاء الأسعار الخرافي أصبح سببًا منطقيًا لنمو الأسواق الشعبية وأسواق الباعة الجائلين، إذ يلجأ الأشخاص منخفضو الدخل إلى هذه الأسواق كنوع من التكيف الاقتصادي مع الظروف المعيشية عالية الكلفة باهظة الثمن … فكثير من الأشخاص لجأوا لهذه المهنة بعد فقدانهم وظائفهم أو فشلهم في الحصول على وظائف، و أصبح البيع في الشوارع من الوسائل الهامة لكسب الرزق بالإضافة إلى زيادة تدفق المهاجرين من الولايات إلى الخرطوم… و على الرغم من ذلك يجب ألا ننسى أن الباعة الجائلين يوفرون سلعًا منخفضة الثمن للمستهلك، خاصة للفئات الفقيرة فإنهم بذلك يساهمون في دفع عجلة الاقتصاد.
إذن لابد من تنظيم المهن الهامشية و الاعتراف بها كقطاع حيوي وهام من دواليب الاقتصاد.. حتى إن كانت المساهمة لا تتجاوز نسبة ١٪ . ومن ثم فيجب علاج هذه الظاهرة بشكل مختلف و أن لا نجعل من هذه الشريحة من المجتمع كبش فداء.

لندن…مارس ٢٠٢٢

اترك رد

error: Content is protected !!