الرواية الأولى – وكالات
اعتذر البابا فرنسيس الاثنين عن تعامل المسيحيين مع الشعوب الأصلية في كندا وعن “الطرق التي تعاون بها العديد من أعضاء الكنيسة” في “المشاريع المدمّرة للثقافات”.
وقال البابا خلال خطاب ألقاه أمام أفراد من شعوب “الأمم الأولى” و”ميتيس” و”اينويت” في ماسكواسيس في ألبيرتا “أطلب المغفرة، لا سيّما للطرق التي تعاون بها العديد من أعضاء الكنيسة والجماعات الرهبانية، وأيضًا اللامبالاة التي أظهروها، في تلك المشاريع المدمّرة للثقافات وفي الاستيعاب القسري الذي لجأت إليه حكومات ذلك الوقت، والذي بلغ ذروته في نظام المدارس الداخلية الإجبارية”.
كلمة البابا جاءت خلال زيارته لمدرسة داخلية سابقة للسكان الأصليين في كندا، حيث طلب الصفح مجددا عن دور الكنيسة لأكثر من قرن في العنف الذي تعرض له آلاف الأطفال.
ووصل البابا البالغ 85 عاما إلى إدمنتون في مقاطعة ألبرتا الأحد في زيارة تستمر ستة أيام في البلاد والتي كانت تنتظرها منذ سنوات الشعوب الأميركية الهندية التي تضم الشعوب الأولى والإنويت.
وتتمحور رحلة “التوبة” هذه، على الفصل المؤلم من تاريخ “المدارس الداخلية” لأطفال السكان الأصليين، وهو نظام دمج ثقافي تسبب في وفاة ستة آلاف شخص على الأقل بين نهاية القرن التاسع عشر والتسعينات وأحدث صدمة استمرت لأجيال.
واعتذرت الحكومة الكندية التي دفعت مليارات الدولارات كتعويضات لتلاميذ سابقين، بشكل رسمي قبل 14 عاما عن إنشاء هذه المدارس التي أقيمت “لقتل الهندي في قلب الطفل”.
ثم حذت حذوها الكنيسة الأنغليكانية. لكن الكنيسة الكاثوليكية التي كانت تدير أكثر من 60 في المئة من هذه المدارس الداخلية، كانت ترفض على الدوام القيام بذلك.
لكن في نيسان/أبريل، تغيّر كل شيء مع اعتذار البابا فرنسيس الذي وعد بالمجيء إلى كندا من أجل الاعتذار.
وفي محمية ماسكواسيس للسكان الأصليين التي تقع على مسافة 100 كيلومتر جنوب إدمنتون ويزورها البابا الاثنين تجمع مئات الأشخاص قبل ساعتين من وصوله البعض بالزي التقليدي.
وقبل وصول البابا إلى المدرسة والقاء كلمته قالت غيلدا سوساي (50 عاما) وهي من سكان المحمية التي كانت ضمن المجموعة التي التقت البابا لوكالة فرانس برس “أنا سعيدة للغاية. أشعر بسعادة غامرة وأتمنى لو كانت والدتي هنا لترى هذا الحدث”.
وأضافت بتأثر شديد “سأطلب منه الدعاء من أجلي ومن أجل عائلتي وشعبي”.
رحلة شفاء
وقال جورج أركاند جونيور الرئيس الأكبر لـ”اتحاد الشعوب الأولى في كونفدرالية المعاهدة 6″ في مؤتمر صحافي الخميس في إدمنتون إن “هذه الرحلة التاريخية جزء مهم من رحلة الشفاء”.
في نيسان/أبريل، اعتذر الحبر الأعظم للمرة الأولى في الفاتيكان عن الدور الذي كان للكنيسة في 130 مدرسة داخلية في البلاد، منتقدا “الاستعمار الأيديولوجي” الذي “وقع الكثير من الأطفال ضحية له”.
وسجّل نحو 150 ألف طفل من أبناء الشعوب الأصلية قسرا في هذه المدارس حيث فصلوا عن أسرهم ولغتهم وثقافتهم وغالبا ما تعرضوا للعنف الجسدي والنفسي والجنسي.
شيئًا فشيئًا، تنظر كندا الى هذا الماضي الذي وصف اليوم ب”الإبادة الجماعية الثقافية”، في بلد أثار فيه اكتشاف أكثر من 1300 قبر لمجهولين في 2021 صدمة ودفع السلطات إلى إعلان “يوم مصالحة”.
وتترقب مجموعات السكان الأصليين هذه الزيارة على أمل أن يجدد البابا الاعتذارات التاريخية التي عبر عنها في الفاتيكان.
وقد يقوم البابا بمبادرات رمزية من بينها إعادة عدد من أعمال وقطع للشعوب الأصلية معروضة في متاحف الفاتيكان منذ عقود.
وسيترأس البابا فرنسيس الثلاثاء قداسا في ملعب الكومونولث في إدمنتون قبل أن يتوجه إلى بحيرة سانت آن التي تشكل موقع حج سنوي. وبعد ذلك، سينتقل إلى كيبيك الأربعاء قبل المحطة الأخيرة الجمعة في مدينة إيكالويت (نونافوت) التي تقع في أقصى شمال كندا في أرخبيل القطب الشمالي.
وظهر البابا الأرجنتيني على كرسي متحرك الأحد بسبب معاناته آلاما في الركبتين، إلا أنه كان يبتسم عندما وصل إلى إدمنتون. تم تخفيف برنامجه للحد من تنقلاته.