من هنا وهناك / أيمن مزمل

منهجية آخر الصف


أيمن مزمل

عندما كنت في المراحل الدراسية في المدرسة، كُنت (عادة) افضل الجلوس في آخر الصف، على الرغم من أني (محسوب) من ضمن الطلاب المتفوقين، فقد جرت العادة على أن الجالسون في الصفوف الامامية هم نجوم الفصل وعباقرته، بينما طلاب المقاعد الاخيره هم (أراذله!! )، فحينما يسأل المعلم أثناء الحصة بعض الاسئلة التي تحتاج الى اجابة (خارج الصندوق) بلغة هذه الأيام، فيفاجأ بأن يداً في آخر الصف ترتفع وتعطيه ما يريد (وبزيادة)، لايملك الا ان يقول (طيب ما انت كويس!! ما الذي يجلسك هناك؟؟)، ولربما أمرني بتغيير مكاني فأقوم بذلك متثاقلاً قبل أن اعود لموقعي القديم بعد مضي عدة أيام..!! فأنا لا احب أن آخذ ختم الشطارة او اتصنف (فئة اولى)،
الحقيقة أني أكتشفت لاحقاً أن (حُب الظهور) ليست من طبائع شخصيتي، العمل في ال back office بلغة اهل ال (IT) او في الظل أكثر متعة، وليذهب مثلث (ماسلو) ونظريته (الحوجة الى التقدير) الى الجحيم!!، هذا الوضع المريح البعيد عن أعين الاستاذ الدائمة لفطاحلة طلاب المقدمة يجعل العقل أكثر تحرراً بمقارنة المتوقع منهم بصورة دائمة، فهم يعيشون تحت ضغط (العبقري) متقد الذهن على الدوام، لا احد يلومني في حال الفشل، ولا احد يطلب مني المزيد في حال (الملل)، بصورة اشمل (الخروج من الضغط النفسي لوضعية ال (النمبر ون) هذه..!!!
من جانب آخر، فان الاحتكاك بطلاب الكنبة الاخيرة (صيع الفصل!! )، من وجهة نظر القاصي والداني، جعلني أتعلم امراً مهما في بواكير صباي، تقبل الآخر بما هو عليه ودون التدخل في شأنه الخاص، حتى وإن كان ذلك (الخاص) يتناف مع ما تؤمن به!! بل أكثر من هذا البحث في المشتركات والبُعد عن الاختلافات، مما جعلني احتفظ بعلاقات صداقة وود جعلتني (لاحقاً) أعرف كيفية اكتساب علاقات ومعارف برغم الاختلاف، اساسها احترام (الإنسان) من حيث هو (إنسان) وكفى!!! ، فانا اقرأ في شبكات التواصل الإجتماعي هذه الأيام لمختلف اطياف (الأفكار) والتي لدي معهم صداقات، (اتفهم ولا اوافق) في كثير من الاحيان، ومع زيادة التجارب الحياتية وبمرور السنوات أكتملت الصورة بشكل أفضل، فلا يوجد (إجتهاد انساني بشري) صحيح بنسبة تصل الى 100٪، كما لاتوجد فكرة هي خاطئة بنسبة 0٪ لكن كلها (اراء) لايمكن اطلاق كلمة (صحيحة) أو(خاطئة) عليها على الدوام، وإنما هي قابلة للتطوير (بشكل او بآخر)، كما لايوجد إنسان يمكن اطلاق صفة (شرير) او (خيّر)، بل الانسان هو خليط من (الخير والشر)، تزيد نسبة عن الاخرى او تنقص!!!
وهكذا تعلمت من منهجية (آخر الصف)

اترك رد

error: Content is protected !!