✍️ بكري خيري – الدوحة
كان حفلا غنائيا جميلاً مع بداية ستينيات القرن الماضي ، والمدينة هي الخرطوم بحري ، والحي هو حلة خوجلي بجوار بيوت السادة المراغنة ،وقد ظهر وقتها الأستاذ الفنان صلاح بن البادية علي الساحة الفنية حيث كانت الأوصفوك تتسيد الساحة وقد أداها صلاح بصوته الطروب ذاك ( يبرق سناك في غيهب الليل الحلوك ..أغرب شمائل زاملوك .. وهم أكملوك .. وأدبك هبة .. وحسن الظباء .. وفيك موهبة .. وطبع الملوك ) ورحم الله عتيق.
كان في ذلك الحفل عميد الفن يشرف علي الإعداد للفرح ، كانت له علاقة دم أو صداقة مع أصحاب الفرح ، وقد شارك أيضا بالغناء ، نعم إن الراحل أحمد المصطفي قد كان زعيما للمجاملات الإجتماعية ، فقد حكي لي ذات مرة الأستاذ والصديق السني السيد إبن ودمدني والإداري حاليا في إحدي الشركات الخاصة بالعاصمة القطرية الدوحة ، بأنهم ذات مرة أتوا من ودمدني إلي أم درمان في ( سيرة عرس ) لأحد أبناء اهلهم ، غير أن الفنان قد تأخر ولم يحضر من ودمدني ، فظلوا في الشارع ينتظرون ويتطلعون لرؤيته ، وفجأة بينما هم كذلك يظهر الأستاذ الراحل أحمد المصطفي بعربته ويتوقف ليسألهم ، فحكوا له الحاصل وأنهم في موقف حرج في بيت الفرح ، فقال لهم إنتظروني نصف ساعة وسوف أقوم بحل المشكلة ، وقد كان .. حيث رجع إلي نادي الفنانين وأتي بمجموعة عازفين وأحيا لهم الحفل حتي الساعات الأولي من فجر اليوم التالي وبلا مقابل .. رحمك الله يا أحمد المصطفي.
المهم … كان السر قدور حضورا في ذلك الفرح بحلة خوجلي للمشاركة بإسكتش فكاهي تمثيلي مع الراحل أحمد حميدة ( تور الجر ) ، حيث كان من الطبيعي في ذلك الزمان أن تجد الفكاهة خلال فقرات حفل الزواج ، أو تجد منلوجيست يشارك في الفواصل بمنلوج فكاهي .
وفي أثناء الحفل أتت فتاة وقد كانت بازخة الجمال ، وهي تعرف أن السر قدور قد تسيد ساحة الشعر الغنائي في ذلك الزمان مع الكاشف والعاقب محمد حسن بجميل أشعاره الطروبة حيث اطلت وقتها ( الشوق والريد .. ياصغيـّر يامحيرني ومتحير .. وإتلاقينا مرة .. وتدللي) إلي آخر الأغنيات الحسان للسر قدور . فقد طلبت تلك الحسناء من السر قدور أن يؤلف فيها قصيدة تـُغني ، غير الأستاذ قدور لم يعر للأمر إهتماماً .. إلي أن إنتهي الحفل ، وقد كان العميد يشرف علي توفير الترحيل للفنانين والموسيقيين المشاركين في حفل الفرح ذاك .. و كان السر قدور واقفاً خارج المنزل ، وإذا بتلك الفتاة – وهي تمتلك جرأة عالية – توجه عتاباً له عن طريق أحمد المصطفي قائلة له : تصدق يا أستاذ أحمد لقد طلبت من الأستاذ قدور أن يعمل لي قصيدة ويعطيها للفنان الجديد هذا ( تقصد إبن البادية ) ، ( لكنه طنشن طلبي ) ، وهنا ضحك أحمد المصطفي موجهاً اللوم للسر قدور : شنو ياقدور .. يعني بنـتـنا دي ماعجبتك وللا شنو ؟ فأجب السر قدور ، كيف لم تعجبني ، ثم أردف قائلاً : أدوني ورقة وقلم ، فلم تصدق الفتاة وأحضرتها علي وجه السرعة من داخل المنزل .. وهنا قال السر قدور لأحمد المصطفي كيف تقول يا بوحميد أن البنت دي ماعجبتني .. مضيفاً ( دي زي القمر والله )
وقد إنهمك في كتابة النص فوراً :
دي زي القمر … واللهِ أحلي من القمر
ياحلوة يا ست البنات .. يامتعة للحب والنظر
طولتي بتخبي الغرام .. الليلة في عيونك ظهر
في بسمتك .. في رقصتك .. في خدودك الحلوين زهر
خلاك أحلي من البنات … واللهِ أحلي من القمر
ثم قام بتسليمها للفنان إبن البادية ، ولم يمض إسبوعا واحدا حتي كانت تبث من الإذاعة كأجمل أغنيات صلاح الخفيفة …. وشكرا للسر قدور وإبن البادية وأطال الله في عمريهما .. وربما أصبحت تلك الفتاة الحسناء الآن ( حبوبة ) … من يدري !!!! والرواية أعلاه حكاها لي صديقنا الأستاذ الشاعر الضخم السر قدور شخصيا بمكتبه بالقاهرة قبل عدة سنوات .
ذى القمر والله احلي من القمر
يا حلوا يا ست البنات يامتعا للروح والنظر
طولتي بتخطي الغرام الليلة في عيونك ظهر
في نظرتك في بسمتك في خدودك الحلوات ظهر
خلاك احلي من البنات والله احلي من القمر
يا حلوة ذي ليل السهاد بي فتنه دليتي الشعر
جل المصور يا ملاك خلاك في احلي الصور
وخلاني تايه في الغرام راجيك شهر
وراء شهر أكثر من شهر الليلة
اليوم عيونك قالوا لي بحبي لي قلبك شعر
خلاك شعلة تضوي نور والله احلي من القمر
يا حلوة بس خجلان ليه ايه الغريب والحب حلال
في نظرتك اجمل كلام دايماً تقول للحب تعال
بقيتي ذي زهر الربيع وجميلة احلي من الجمال
علمتي عيني السهر ساهرتي بالمحبوب شهر
الليلة حبك طال عليك خلاك أحلي من القمر
زي القمر والله احلي من القمر