تدنى أداء الخدمة المدنية لدرجة كبيرة جداً، وقد اقترحتُ في مقال سابق على هذه الزاوية إصلاح الخدمة المدنية من خلال ركيزتين: الأولى اختيار العناصر المؤهلة ذات الكفاءة مع إجزال العطاء المادي لهم، والثانية توظيف تقنية المعلومات والاتصالات بكثافة في العمل الإداري.
تعليقاً على الموضوع قالت الدكتورة هويدا آدم أستاذ الاقتصاد التطبيقي بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا ( تدهور الخدمة المدنية بدأ مع الإنقاذ، حيث التعيينات المستندة على الولاء الحزبي والمعارف، وجاءت الفترة الانتقالية بمعالجات مستعجلة، واناس لهم في أنفسهم تار بايت كما يقول المثل وليسوا محايدين، فكانت كثير من قرارات لجنة إزالة التمكين تدور ما بين التشفي والمعلومات الخاطئة، وطالت أشخاصاً تميزوا بالكفاءة ونظافة اليد، مما اشاع روح الاحباط والاستياء وسط الجميع، بما في ذلك مناصري الثورة. وحاولنا مرارا وتكرارا توصيل صوتنا بأن اهم طريقتين لإزالة التمكين هي في الاختيار الصحيح والكفوء عند مدخل الخدمة، والمحاسبة لكل فاسد بالقانون وليس عبر الميديا والإعلام، فأي متهم برئ حتى تثبت ادانته.
اما مسألة التقنية، او حوكمة الأنشطة والمعاملات، فهذه لم تطبق لعدة أسباب منها سياسات التجنيب في المؤسسات والفساد، فاغلب الموظفين لا حرص لديهم على تطبيق إلكتروني، وأضيف لهذا ضعف المرتبات بسبب التضخم، والفصل التعسفي، والمظاهرات وغيرها فأصبحت المكاتب خالية بالشهور بل بعضها بالسنوات.
هذا الضعف والتدهور المريع يمتد أثره إلى أداء الوكلاء الذين تم تعيينهم، فبعضهم والحق يقال، متميز وراغب في الأداء ولكنه وجد بيئة غير مواتية للعمل فغرق في هذا الوحل.
نحتاج لإرادة سياسية، وقيادة كفؤة، واستقرار في سياسات التوظيف والمحاسبة حتى نستطيع أن نعبر، فحتى الفصل في إطار إزالة التمكين يجب أن يعتمد على القانون وليس التشفي).
أما الأستاذ مأمون الرشيد نايل، الاقتصادي السوداني المقيم بالنمسا، فيرى (إن الإصلاح يتم عن طريق وضع الهياكل التنظيمية المرنة لكل مؤسسة ووحدة، مع تحديد المؤهلات والمهام والواجبات للعنصر البشري داخل هذه الهياكل التنظيمية. بالإضافة لتأسيس جهاز يضطلع بدور الرقابة والتفتيش والمحاسبة، وتأسيس جهاز آخر للإصلاح الإداري يعمل على رفع كفاءة مؤسسات الدولة).
ويضيف الأستاذ الرشيد (عملية إصلاح الخدمة المدنية عملية معقدة، ولكن بما أننا كنا نمتلك خدمة مدنية يضرب بها المثل يمكننا بث الروح في بعض التشريعات والقوانين التي حكمت خدمتنا الوطنية السابقة. إن تسيس الخدمة المدنية هو الذي أدى إلى تدهورها).
الأستاذ هاشم الحسوني يرى (كلاً من الخدمة المدنية والعسكرية في السودان تفتقران للكفاءة لثلاثة أسباب: الأول ضعف مؤهلات العنصر البشري، الثاني الافتقار للخبرة، والثالث انعدام الاسناد التقني. الخدمتان تحتاجان لإعادة بناء من أول وجديد).
تعليق: –
هذه آراء ممتازة من خبراء وأكاديميين نأمل أن تعين المسئولين في تحسين أداء الخدمتين المدنية والعسكرية، والله الموفق.