الرواية الأولى / مجدي عبدالعزيز

مغادرة روزليند ورحلة كاودا ..

مجدي عبدالعزيز

(1)
*حملت أنباء الأيام الماضية مغادرة السفيرة اللزجة روزليند مارسدن للخرطوم لكن هذه المرة واضح إنها بلا عودة وعلى طريقة (يلا لي بلدك ولملم عددك) ، ونعت اللزوجة هذا ليس بنية الرمي الجائر لكن من واقع التصاقها بملف السودان بكل الطرق المشروعة والتي لم يعرف لها شبيه في أعراف أو أصول علاقات البلدان، فمنذ أن انتهى إعتمادها الرسمي كسفيرة لبريطانيا بواقعة (البركاوي) الشهيرة، عادت مرة أخرى من نافذة برنامج إفريقيا في (تشاتام هاوس) تحمل الأجندة الخاصة ، ثم (بلياقة ـ من لايوق) تسللت إلى بعثة فولكر الأممية تحمل ذات الأجندة الخاصة مع جراءة أكثر في التدخل في الشأن السوداني طولًا وعرضًا ـ وقصة هذه المرأة يطول سردها وكشف ما وراءها ـ لكن يبدو أن تجاوز الخطوط الحمراء لم يتوقف عند اختيارها ورعايتها لممثلي النفوذ البريطاني والأوروبي في السودان فحسب بل تعدىإلى الفعل برسم الأحداث وتحريكها ميدانيًا لخلق أوضاع تتوافق مع بيئة مرسومة لتنفيذ الأجندة التي لا مواراة في تسميتها بالاستعمارية ،، مما أوجب اتخاذ ما يحفظ السيادة ويوقف التعدي.
(2)
*الأربعاء قبل الماضي تفاجأ الرأي العام بنقل الأسافير لخبر احتجاز وفد الحزب الشيوعي السوداني بجوبا بعد عودته من كاودا، وتبع ذلك سلسلة من أحداث منها استجواب السلطات الأمنية لأعضاء الوفد بصورة ممرحلة وكذلك عقد الحزب لمؤتمرين صحفيين. لتوضيح أسباب الزيارة وتفاصيلها أو (لتشتيت الكورة) بما عرف من دهاء … ثم تواصلت هذه السلسلة إلى حدث وصول مستشار الأمن لرئيس دولة الجنوب توت قلواك للخرطوم في الأيام الماضية ـ والتي أجزم أن جندها الرئيسي كان إزالة آثار رحلة جوبا/كاودا/ جوبا التي قام بها وفد قيادي من الشيوعي، بعد ما أتوقعه من وصول رسالة عدم رضىإلى جوبا من الخرطوم خاصة وأن جوبا تقوم بدور الوسيط في عملية السلام السودانية، وزيارة خارج السياقات المتفق عليها تثير الحفائظ، ومعلوم أن الخرطوم تلعب نفس دور الوساطة مع جوبا، وأن بالخرطوم عددًا من قادة الفصائل الجنوبية الذين لا تتعامل الخرطوم معهم إلا وفق السياقات المتفق عليها..
*أما على صعيد الشيوعي فإن الملاحظ من زاوية السياسة القحة أن الحزب حافظ على مبدأيته تجاه ما يجري في المشهد منذ مغادرته لتحالف “قحت”، ويبدو أن الشيوعي الآن بزيارته لكاودا يرسم إلى ما بعد الفترة الانتقالية حتى، بتمتين تحالفه مع حركتي الحلو وعبدالواحد وأذرعهما في الداخل إن كان في قطاع الطلاب أو القطاعات الأخرى، ويمكن أيضًا قراءة أن الشيوعي بقدر تجنبه للولوغ في العمل المسلح والمغامرات غير محسوبة النتائج إلا أنه يسعى لجني المكاسب بسياسة النفس الطويل، وأنه يحسب أن لا مكاسب له الآن لوسار المشهد السياسي في اتجاه التسوية والذهاب للانتخابات، وأن عليه المحافظة على الأراضي التي كسبها أيام شراكته في الحكم ووجوده بقحت، حتى إجازة استراتيجيته الجديدة .
(3)
*ويبدو أيضًاأن من أهداف زيارة وفد الشيوعي إلى كاودا المساهمة في رأب صدع الخلافات التي ما فتئت تضرب داخل حركتي عبدالواحد والحلو، خاصة وأن القيادي بالشيوعي صالح محمود يعتبر تاريخيًا هو الراعي الرسمي لعبدالواحد محمد نور الذي تشهد حركته ململة وخلافات بين قادتها حول ملف السلام خاصة بعد أن رأوا ما حققه أقرانهم في الحركات الأخرى من مكاسب بعد اتفاق جوبا، وعلى الجانب الآخر في حركة الحلو يبدو أن القضية الأساسية تراجعت لصالح التكسب وجني المال من عمليات التعدين في الذهب وتسويقه التي باتت الشغل الشاغل لقادة في الحركة دون آخرين ..
*أخيرًا ما زالت فرص تحقيق السلام بين حكومة السودان وحركتي عبدالواحد والحلو غير مترائية لسبب موضوعي في اعتقادي هو ما يحققه قادة الحركتين من مكاسب متعددة على جانب العداء الشكلي، لن يستطيعوا تحقيقه في ظل سلام واستقرار بالبلاد (وربنا يكضب الشينة)، إلى الملتقى.

اترك رد

error: Content is protected !!