أعلنت وزارة المالية سعر التركيز لجوال القمح زنة 100 كيلو جرام بمبلغ 43 ألف جنيه. وهو السعر الذي سوف يشتري به البنك الزراعي كممثل للحكومة من المزارعين.
أجريت استطلاعاً سريعاً لعدد من مزارعي القمح، وعدد من ممولي زراعة القمح، واقتصاديون مستقلون. المزارعين يرون أن سعر التركيز قليل، فيما يرى عدد من الممولين أنه عادل، أما الاقتصاديون فقد نظروا للأثر على الاقتصاد الكلي، وقالوا انه مخيف.
بحسب المزارعين فقد اكتنف انتاج القمح هذا الموسم عدد من المعيقات، حيث وصل سعر جوال سماد اليوريا الي 50 ألف جنيه مقارنة بحوالي سبعة ألف جنيه في الموسم الماضي، وقد وصل سماد اليوريا بعد الرية الخامسة وبعد وصول القمح مرحلة الشرايا وهي مرحلة لا تحتاج اليوريا لعدم امكانية الاستفادة منها لان النبات تجاوز مرحلة النمو الخضري وبالتالي هي خسارة دون عائد.
الجازولين ارتفع سعره من 850 جنيه للبرميل في الموسم الماضي إلى 80000 جنيه للبرميل، فشلت إدارة مشروع الجزيرة في تطهير القنوات، حيث كانت الكراكات العاملة في ذروة الموسم 57 كراكة من جملة العدد المطلوب وهو 240 كراكة. هنالك عدد مقدر من المزارعين استخدم الطلمبات في 5 ريات من جملة 8 ريات، لقد تأخرت عمليات ري القمح في مشروع الجزيرة لقرابة ال 50 يوما في بعض الأقسام، الأمر الذي سيؤدي لانخفاض الانتاج بنسبة 60٪ حسب دراسات مؤسسة البحوث الزراعية.
تكلفة إنتاج القمح في مشروع الجزيرة حسب المعطيات أعلاه هي 53120 جنيه للجوال بحسب رؤية مزارعي القمح بالمشروع.
جانب من مديري البنوك والمؤسسات الممولة يرون السعر المعلن عادلاً. بحسب رؤيتهم فإن تكلفة الفدان حوالي ٣٠٠ ألف جنيه، وإذا كان المتوسط الانتاجي ١٠ جوالات سعة ١٠٠ ك فهذا يعني ان المزارع سيبيع ب ٤٣٠ ألف جنيه، أي بربح ١٣٠ ألف جنيه للفدان، هذا بخلاف هامش التمويل.
من ناحية الاقتصاد الكلي فإن سعر التركيز الذي أعلنت عنه وزارة المالية هو ضعف السعر العالمي للقمح، اللهم الا إذا حدث ارتفاع كبير في الأسعار العالمية نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية. وبناءً على هذا فإن استيراد القمح من الخارج سوف يكون أقل تكلفة. يرى البعض أن توجه موارد البلاد لاستيراد القمح من الخارج بدلاً عن زراعته داخلياً بتكلفة عالية. طبعاً هذا مردود عليه لأن قيمة الأمن الغذائي لأي بلد لا تقدر بمال. إنها قيمة مرتفعة جداً مرتبطة بالسيادة الوطنية.
مع سعر التركيز المعلن وهو 43 ألف جنيه للجوال سوف تواجه وزارة المالية معضلة دعم رغيف الخبز للمواطن. هل ستترك الوزارة السعر حراً ليبلغ سعر قطعة الخبز الحر أكثر من 60 جنيهاً؟ أم تتجه لدعم السعر فتخصص له مبلغاً كبيراً من الإيرادات العامة يزيد من عجز الموازنة، ويرتفع بنسب التضخم؟
بالنظر لظروف الحرب الروسية الأوكرانية، وإعلان روسيا إيقاف تصدير منتجاتها، نرى إعادة النظر في سعر التركيز، بما يرضي المزارعين، ويشجعهم على زراعة القمح الموسم المقبل. والله الموفق.