أمطار يوم أمس أظهرت خللًا كبيرًا وانهيارًا بما لايقارن في البنيات الأساسية للبلاد .
لا أتحدث عمَّا حدث للطرق والشوارع الرئيسية،ولا عن السيول التي جرفت العديد من الطرق القومية وابتلعت بصات سفرية وعربات صغيرة راح ضحيتها عدد من المواطنين .فقد كتبت عن ذلك الأسبوع الماضي ولا حياة لمن تنادي.
مساء أمس وأنا في وداع الوالدة حفظها الله للسفر للعلاج أدى هطول الأمطار إلى حالة من الفوضى والهرج بمطار الخرطوم الذي نعرفه اصطلاحًا بالدولي.
حالة من الاستياء وسط المسافرين والقادمين والمودعين والمستقبلين الذين لم يجدوا مكانًا يأويهم من الأمطار والطين والبهدلة.
مطار الخرطوم ليس به أي استراحات أو أماكن للمنتظرين ولا تفتح صالة المغادرة لأي مسافر مالم تبدأ الإجراءات .مع العلم أن هناك العديد من المسافرين يأتون من خارج الخرطوم في توقيت مبكر جدًا وعليهم الانتظار بالخارج .
حاول عدد من الأجانب إقناع استقبال صالة المغادرة للدخول بسبب معاناتهم من هطول الأمطار على أمتعتهم دون فائدة .كان التبرير أن زمن البدء في إجراءات التركية بعد ساعة.
أي دولة تهتم بموانئها خاصة الجوية لأنها عنوان للاهتمام بالبنى الأساسية،ولأنها هي التي تقدم أول انطباع للمستثمرين وللأجانب عن البلاد.
لطالما تحدث الناس وكتبت الصحف عن السوء في مطار الخرطوم في كل ما يحيط به لكن الحكومة لا تهتم بذلك،لا السابقة ولا الحالية.
تفاءل الناس بإنشاء مطار الخرطوم الجديد غرب أمدرمان .خاصة مع الزخم الإعلامي الذي صاحب الإعلان عن المشروع وتصريحات المسؤولين التي نقلتنا إلى أحدث المطارات العالمية .لنرجع إلى واقعنا المرير بضياع القرض السيادي الصيني 700 مليون دولار التي استلمتها الحكومة في 2016 ،لتعلن سلطة الطيران المدني بتأجيل المشروع تحت ذريعة الظروف الاقتصادية الصعبة.
طبعًا لم يكن القرض الصيني هو أول قرض للمطار (الهلامي) بل سبقه عدد من القروض منذ الإعلان عن المشروع في 2011 .والذي قدرت تكلفته الكلية بنحو 246 مليون دولار،كان من ضمنها قرض الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي بمبلغ 50 مليون دولار .
الحكومة الانتقالية بشرت الشعب السوداني باستئناف العمل في مطار الخرطوم الجديد بتوقيع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك عقدًا مع إحدى الشركات الفرنسية الكبرى خلال زيارته لفرنسا بقيمة 900 مليون دولار.
الشركة الفرنسية قدمت تصميمًا جديدًا للمطار يتكون من 6 صالات،سعة الصالة الواحدة 6 ملايين مسافر سنويًا .لكن يبدو أن المشروع انتهى مع نهاية عهد حمدوك.
قبل أيام اطلعت على خبر غير مكتمل الأركان في عدد من المواقع الإلكترونية يقول إن شركة هايبر ديل دشنت صندوقًا استثماريًا لتأهيل مطار الخرطوم الدولي بمبلغ 200 مليون دولار .حيث تم التوقيع مع شركة مطارات السودان .
وذكرت شركة هايبر المتخصصة في الوساطة المالية أن الصندوق يتكون من 2 مليون صك قيمة الصك 100 دولار بفوائد ما بين 7 إلى 10% .
معلوم أن الصناديق الاستثمارية لها دور مهم ومطلوب في مشروعات التنمية والبنية الأساسية .ومعلوم أنها واحدة من الآليات التي تعتمد عليها كثير من الدول في انشاء وتطوير المشروعات الكبيرة وهي ذات عائد مجز للمستثمر وللاقتصاد،لكن نفتقر نحن في السودان لثقافة التعامل مع مثل هذه الصناديق لا المستثمرين ولا الحكومة ولا المواطن العادي .
اشرت في بداية حديثي عن الاتفاق بين شركة هايبر والحكومة الى اطلاعي على خبر (غير مكتمل) لانني بحثت عن تفاصيل جوانب مهمة بعيدا عن جو احتفال عشاء كورنثيا فلم اجد .
لم يتطرق احد عن شروط العقد ولا بنود الاتفاق ، و لا نوع مشروع التطوير وجوانبه المختلفة ولا عن الغاء العقد عند الاخلال باي من الشروط .وهذا ما يجعلنا نبحث عن ضمانات التنفيذ للمشروع وايضا ضمانات لاموال المستثمرين في الصندوق .وضمانات عدم تكرار التجارب الفاشلة سواء لانشاء المطار الجديد او اعادة تاهيل مطار الخرطوم الحالي وما صاحبه من ضياع اموال وحالات فساد معلومة للجميع.