اسامة عبدالماجد
¤ أولاً: البيان الصادر أمس من وزارة الخارجية السعودية حول مخرجات التفاوض بين الحكومة ومليشيا حميدتي في جولته الثانية، خطير للغاية.. حيث استند على إعلان جدة لحماية المدنيين الموقع في (11) مايو الماضي.. وتجاوز تماما اتفاق (20) مايو الماضي الذي تعهدت فيه المليشيا بسحب عناصرها من المستشفيات والمرافق العامة الاساسية.. وهذا يؤكد اعلان الجماعة الارهابية من قبل عدم مغادرة المنازل كما قال (عرمان المليشيا) يوسف عزت.. وفي هذة الحالة ستخسر الحكومة المواطن الذي ينتظر منها اعادته الى دياره.. رغم انه لم يعلن رسميا عن اتفاق وتوقيع الاطراف عليه.
¤ ثانياً: يكتنف المفاوضات الغموض والتعتيم الاعلامي.. وهو امر سيلحق بالحكومة أضررا فادحة.. وقد يضطرها لاصدار توضيحات، (في غنى عنها).. بالمقابل تجتهد المليشيا اعلاميا.. وقد سربت ابواقها ومنذ ايام بعض ماورد في البيان السعودي.. كما ان قحت تدعم موقف المليشيا وبقوة وكثير من تصريحات منسوبيها ذات صلة بمنبر جدة.
¤ ثالثاً: استحالة فتح ممرات آمنة لايصال المساعدات الإنسانية.. نسبة لعدم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار.. الغريب انه جاء في البيان (ان الخطوة ستتم بواسطة آلية إنسانية مشتركة بقيادة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة).. اما التناقض البائن هو التزامهما الفردي تجاه تيسير مرور المساعدات الإنسانية.. وهما ليس بينهما اي درجة من درجات التواصل .
¤ رابعاً: وردت فقرة اتفاق الاطراف على (احتجاز الهاربين من السجون ).. والمقصود منها قادة النظام السابق واحداث وقيعة بينهم والجيش الذي يقاتلون الى جانبه.. لكن الأمر غير مقلق لان من غادروا المعتقل تعهدوا بتسليم انفسهم متى ماتوفرت بيئة عادلة للمحاكمة.. تكمن خطورة الفقرة في ثلاثة مسائل.. ان ذلك شأن قضائي تحول فجأة الى سياسي والمفاوضات معنية بشقين (عسكري وانساني).. ارادت المليشيا التأكيد ان حربها ضد النظام السابق.. واخيرا ستسعى لاتهام الجيش بعدم ايفائه بالقبض على من غادروا السجون.. ومعلوم ان المليشيا فتحت ابواب السجون لتحظى باسناد من المجرمين وتشيع الفوضى في الخرطوم.
¤ خامساً: مهم الربط بين الملاحظة اعلاة ومنشور ياسر عرمان على حسابه بمنصة إكس قبل اسبوع (أشار إلى أن الجيش يحتاج إلى تحرير نفسه من النظام السابق.. متهما الأخير بأنه وراء إشعال الحرب، ويتحمل مسؤولية القتال وتدمير القوات المسلحة).. والقصد من ذلك سعي (القحاتة) لابعاد تهمة ضلوعهم في اشعال الحرب.
¤ سادساً: جاء في البيان الاتفاق على: (اتخاذ إجراءات حيال الأطراف المثيرة للتصعيد والمأججة للصراع).. وهي عبارات من الصعوبة بمكان تفسيرها بشكل دقيق او تحديد درجة إثارة التصعيد وتأجيج الصراع او تسمية من يقومون بذلك.. او حتى تحديد طبيعة الاجراؤات التي ستتخذ.. لكن هي ذات صلة بفقرة (تحسين المحتوى الإعلامي لكلا الطرفين، وتخفيف حدة اللغة الإعلامية).. وهنا فان يوسف عزت ومن يطلون عبر الفضائيات باسم مكتب الباغي الشقي حميدتي ملزمين بوقف التهريج.. وكذلك عناصر المليشيا التي تبث مقاطع فيديو تحمل التهديد والوعيد.. بالمقابل صمت الناطق باسم الجيش منذ فترة.. بينما لاتملك جهة حق اسكات الاعلام الخاص او وصفه بالمؤجج للصراع عند تناوله جرائم المليشيا.. وجميعنا تضررنا منها إذ سرقت منازلنا ونهبت ممتلكاتنا وسياراتنا.
¤ سابعاً: بشان إجراءات بناء الثقة تم الاتفاق على إنشاء آلية تواصل بين قادة القوات المسلحة والمليشيا.. ويرجح ان تكون بين نائب قائد الجيش شمس الدين كباشي والمتمرد عبد الرحيم دقلو.. ويبرز تساؤل هل سيستمر دقلو في طرح مطلبيه (ابعاد البرهان واستعادة كل الاسرة) ؟ وهل سيكشف عن مصير شقيقه؟.. ستكون مهمة دقلو عسيرة نسبة لضعف قدراته ومحدودية تفكيره.. لكن مؤكد سيستعين بالخارج الذي يدعم المليشيات التي يقودها هو وشقيقه.
¤ ثامناً: لا معني للحديث عن تدعيم وتعزيز الثقة بين الاطراف.. طالما لم يتم الاتفاق على وقف اطلاق النار.، ولو بصورة مؤقتة.. وفي ظل التصعيد المتواصل من جانب المليشيا التي تسعى كل يوم لتوسيع دائرة الحرب خاصة في اقليم دارفور.. في محاولة لتغطية خسائرها الثقيلة بالخرطوم.. ولتقوية موقفها التفاوضي، وتغيير ادوات الصراع.
¤ تاسعاً: انهيار التفاوض سيجعل الانظار تتجه نحو قائد القوات المسلحة عبد الفتاح البرهان.. وكل الشعب السوداني يحدوه الامل ان يحسم الجيش المعركة.. او ينظف العاصمة من المليشيا حتى تعود اليها الحياة.. وتمثل تلك الامنيات تحديدا حقيقيا للرئيس البرهان.
¤ عاشراً: اغفلت المفاوضات قضية انسانية مهمة للغاية.. وهي الزام الميسرين ، للمليشيا باطلاق سراح العناصر المدنية الذين تعتقلهم دون وجة حق.. وتتخذهم دروعا بشرية.. الملف الانساني مهم ويحظى باهتمام دولي.. وينبغي على الوفد الحكومي استثماره بشكل كبير .